• اليوم الدولي للعمل الخيري
    اليوم الدولي للعمل الخيري

القاهرة في أول سبتمبر / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث أ ش أ

يحيي العالم يوم "السبت القادم " اليوم الدولي للعمل الخيري ، ويأتي الاحتفال هذا العام 2020 تحت شعار " التضامن العالمي للقضاء على الفقر " ، فقد أدركت الأمم المتحدة باعتمادها جدول أعمال التنمية 2030 في سبتمبر 2015 ، أن القضاء على الفقر بجميع صوره وأشكاله وأبعاده، بما في ذلك الفقر المدقع، هو تحد عالمي هائل ومتطلب لا غنى عنه في تحقيق التنمية المستدامة.
ويدعو جدول الأعمال إلى تعزيز روح التضامن العالمي، ويركز تركيزا رئيسيا على حاجات الفئات الأضعف والأشد فقرا. كما أن جدول الأعمال يعترف كذلك بالدور الذي يضطلع به القطاع الخاص المتنوع، ابتداء من المؤسسات المتناهية الصغر ومرورا بالتعاونيات وانتهاء بالشركات المتعددة الجنسيات. كمان أنه يعترف كذلك بالدور الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني والمنظمات الخيرية في تنفيذ جدول الأعمال الجديد. ووضعت أهداف التنمية المستدامة جدول عمل — يمكن تأطيره في أربع مجالات هي: الناس والكوكب والرخاء والسلام والشراكة — يعرض مفاهيم يمكنها تحويل معايشنا وكوكبنا من خلال تقديم أطر عملية لخدمة المؤسسات الخيرية في سعيها الجاد نحو تمكين الأفراد من الإسهام في تحسين عالمنا.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت رسمياً القرار 105/67 في عام 2012 ، اختيار 5 سبتمبر من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للعمل الخيري. ويرجع أصل اليوم إلى مبادرة مجرية للمجتمع المدني بدعم من الحكومة والبرلمان المجري في عام 2011. وقد تم اختيار يوم 5 سبتمبر تحديداً إحياء لذكرى وفاة "الأم تريزا"، والتي حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 1979 تكريما للعمل الخيري الذي اضطلعت به من أجل التغلب على الفقر، والذي يشكل تهديدا للسلام العالمي. وقد عملت بلا كلل للقضاء على فقر ومحن ومعاناة أشد الناس فقراً في العالم. ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى تحسين وزيادة المسؤولية الاجتماعية بين الناس ، إلى جانب التضامن ، وزيادة دعم القضايا الخيرية.

ويتيح العمل الخيري، مثله في ذلك مثل مفهوم التطوع والإحسان، فرصة لتعزيز الأواصر الاجتماعية والإسهام في خلق مجتمعات أكثر شمولا ومرونة. فالعمل الخيري القدرة على رفع آثار الأضرار المترتبة على الأزمات الإنسانية، كما أنه له القدرة على دعم الخدمات العامة في مجالات الرعاية الطبية والتعليم والإسكان وحماية الأطفال. والعمل الخيري فاعل جدا في تحسين الثقافة والعلوم والرياضة وحماية الموروثات الثقافية، فضلا عن تعزيز حقوق المهمشين والمحرومين ونشر الرسالة الإنسانية في حالات الصراع.
وتعتبر مشكلة الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهرة تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية ، إضافة الى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات. واليوم يعيش أكثر من 780 مليون شخص تحت خط الفقر الدولي، 11% منهم يعيشون في فقر مدقع ويكافحون من أجل تلبية أدنى الاحتياجات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي. وتعيش 122 امرأة تتراوح أعمارهن بين 25 و34 سنة في فقر مقابل كل 100 رجل من نفس الفئة العمرية ، وأكثر من 160 مليون طفل معرضون لخطر الاستمرار في العيش في فقر مدقع بحلول عام 2030. وعلى الرغم من خفض معدلات الفقر المدقع إلى أكثر من النصف منذ عام 2000 ، يظل عشر سكان المناطق النامية يعيشون وأسرهم على أقل من 1.90 دولار يوميا ، كما يوجد الملايين ممن بالكاد يكسبون أكثر من ذلك قليلا. ورغم أُحراز تقدم كبير في عديد من الدول في شرق آسيا وجنوب شرقها على صعيد القضاء على الفقر، لا يزال 42% من سكان أفريقيا جنوب الصحراء يعيشون تحت خط الفقر.
وتمثل الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي سببها جائحة كورونا " كوفيد – 19" اليوم فرصة غير مسبوقة لتجاوز الاستجابات الطارئة ومعالجة العيوب الهيكلية لاقتصاداتنا. إن العديد من حزم التحفيز والإنعاش التي تتخذها الحكومات تشكل بالفعل بوادر المستقبل. لكن على القادة في جميع قطاعات المجتمع أن يدركوا هذه اللحظة باعتبارها فرصة نادرة لبناء عالم أكثر عدالة واستدامة، وهو ما لن يكون ممكناً إلا إذا أنهينا الفقر بجميع أشكاله، وقد يبدو إنهاء الفقر حلماً مستحيلاً .

وأوضح تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية ، ومؤشر الفقر متعدد الأبعاد العالمي أن 65 دولة من بين 75 تمت دراستها خفضت مستويات الفقر بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي. علاوة على ذلك، فإن الدولة التي خفضت الفقر بشكل أسرع، وهي سيراليون ، فعلت ذلك على الرغم من تفشي وباء إيبولا الذي اندلع في عام 2014. ولكن الخطر الآن هو أن هذه المكاسب يمكن عكسها ، حيث تستوجب أزمة كورونا التزام القادة العالميين والمحليين ليس فقط بالحفاظ على التقدم الذي تم تحقيقه بشق الأنفس، ولكن أيضاً بتغيير الزاوية في الجهد العالمي لإنهاء الفقر. لن يكون ذلك سهلاً ، بالنظر إلى أن الوباء يفاقم التفاوتات الموجودة من قبل.
وقد أشار " أنطونيو غوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة ، إلي إنها خرافة مقولة إننا جميعاً في نفس القارب. بينما نطفو جميعاً على نفس البحر، من الواضح أن البعض في اليخوت الفائقة بينما يتشبث البعض الآخر بالحطام المنجرف للبقاء قيد الحياة. وبالتالي، من الضروري أن نمد يد المساعدة للفقراء الذين يعانون من العديد من أوجه الحرمان، مع إضافة جائحة كورونا إلى ما كان بالفعل عبئاً ساحقاً.
وأضاف غوتيريش ، أنه باستخدام البيانات التي يعود تاريخها إلى عام 2010، يقدم مؤشر الفقر متعدد الأبعاد العالمي صورة شاملة لكيفية معاناة الناس من عيوب في حياتهم اليومية، لأنه يقيس في الوقت نفسه الحرمان في الرعاية الصحية والتعليم ومستويات المعيشة عبر عشرة مؤشرات. ويمكن أن تساعدنا هذه البيانات في تخفيف عبء الجائحة على 1.3 مليار شخص يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، مع منع العديد من الآخرين من أن يصبحوا فقراء. وعلى المستوى الوطني، يجب على الحكومات التفكير في إنشاء مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد الخاصة بكل بلد لتوجيه الاستراتيجيات الفعالة لمعالجة معضلة الفقر. وقد بدأت عشرات الدول حول العالم تطبق ذلك. ومن بين الدول الـ 47 التي ستقدم مراجعات وطنية طوعية في المنتدى السياسي الرفيع المستوى للأمم المتحدة هذا الشهر، أشارت 21 دولة إلى الفقر متعدد الأبعاد. وذكر غوتيريش ، إلى أننا كنا نأمل أن تتمكن من استخدام هذه الأداة القوية أثناء الجائحة الحالية من خلال التأكيد على دعم الفئات الأكثر تضرراً اليوم ، لتكون جميع البلدان في وضع أقوى لإعادة البناء بشكل أفضل بعد الجائحة. إن معالجة الفقر المتعدد الأبعاد أمر مفيد للمجتمع وجيد للسلام.
وكشف تقرير الأمم المتحدة عن تفاوتات شاسعة فيما يخص الفقر بين بلدان العالم ومناطقه المتعددة ، وحتى بين الشرائح الأكثر فقرا داخل المجتمعات المختلفة في الدولة الواحدة. ومؤشر الفقر الجديد يدرس حالة الفقر – ليس فقط بحساب المرتبات ودخل الفرد – بل أيضا في تجلياتها "متعددة الأبعاد"، مثل فقر الصحة ونوعية العمل، والافتقار للأمان من تهديد العنف. ويوضح "مؤشر الفقر متعدد الأبعاد لعام 2019" الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه في 101 دولة تمت دراستها (من بينها 31 دولة بدخل قومي منخفض ، و 68 بدخل متوسط ، و2 بدخل قومي مرتفع) تغطي 76 % من سكان العالم .
ويشير المؤشر إلى أن "العمل ضد الفقر ضروري في جميع مناطق البلدان النامية"، كاشفا عن أن منطقتي أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا تحديدا تحتويان على أكبر نسبة من الفقراء في العالم، حوالي 84.5%. ويصف التقرير مستوى عدم المساواة في الفقر نفسه، داخل هاتين المنطقتين، بأنه "هائل"؛ ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تجد أن نسبة عدم المساواة في دولة جنوب أفريقيا تبلغ 6.3%، بينما تصل في جنوب السودان إلى 91.9%. وفي جزر المالديف الواقعة في منطقة جنوب آسيا تسجل النسبة 0.8%، مقارنة بنسبة 55.9 % في أفغانستان. كما يكشف مؤشر الفقر أن العديد من البلدان موضوع الدراسة تشهد أيضا مفارقات ومستويات داخلية "واسعة" من عدم المساواة. ففي أوغندا مثلا، يتراوح معدل انتشار الفقر متعدد الأبعاد من 6 % في عاصمتها كمبالا، إلى 96.3 % في كاراموجا ، بشمال شرق البلاد.
ومن بين 1.3 مليار شخص ممن تم تصنيفهم كفقراء ، هناك حسب التقرير حوالي 663 مليونا من أطفال دون سن الـ 18 عاما، وحوالي الثلث منهم، أي حوالي 428 مليون هم أطفال دون سن العاشرة. والغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال، أي حوالي 85 %، يعيشون في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتنقسم أعدادهم بالتساوي تقريبا بين هاتين المنطقتين. وتبدو الصورة "رهيبة بشكل خاص" – حسب التقرير – في بوركينا فاسو وتشاد وإثيوبيا والنيجر وجنوب السودان، حيث يعتبر 90% أو أكثر من الأطفال دون سن العاشرة ممن يتعرضون لنوع "الفقر متعدد الأبعاد" الذي يصفه المؤشر.

أ ش أ