• اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق
    اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق

القاهرة في 25 مارس / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط

تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة " اليونسكو" اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي لعام 2019 تحت شعار " تذكر الرق: تسخير قوة الفنون في سبيل العدالة"، فمنذ زمن تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، استخدمت الفنون في مواجهة الرق وتمكين المجتمعات المسترقة وتكريم كافحوا في سبل التحرر. وكانت الفنون كذلك أدوات حيوية في إحياء ذكرى نضالات الماضي، وتسليط الضوء على المظالم المستمرة والاحتفال بإنجازات المنحدرين من أصل أفريقي. ولأكثر من 400 سنة، كان أكثر من 15 مليون رجل وامرأة وطفل ضحيا لمأساة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، التي تعد واحدة من أظلم الفصول في التاريخ الإنساني.

وكانت الجمعية العامة قد أعتمدت القرار 122/62 في ديسمبر 2007، يوم 25 مارس يوما دوليا لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي يحتفل به سنويا. ودعى القرار إلى وضع برنامج للتوعية التثقيفية من أجل حشد جهات منها المؤسسات التعليمية والمجتمع الدولي بشأن موضوع إحياء ذكرى تجارة الرقيق والرق عبر المحيط الأطلسي لكي تترسخ في أذهان الأجيال المقبلة أسباب تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي ونتائجها والدورس المستخلصة منها واللتعريف بالأخطار المترتبة على العنصرية والتحامل. ولتخليد ذكرى ضحايا الرق، شيد نصباً تذكريا دائما لهم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الذي رفع الستار عنه في 25 مارس 2015. واختير تصميم النصب المسمى " سفينة العودة " للمهندس المعماري الأمريكي من أصل هايتي رودني ليونفي منافسة دولية أُعلن عنها في سبتمبر 2014.

تعد الرق وتجارة الرقيق ضمن أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان كانت تجارة الرقيق عبر الأطلسي، على امتداد تاريخ البشرية، أمرا فريدا فى تاريخ الرق نظرا لطول أمدها أربعمائة عام، وحجمها قرابة 17 مليون شخص باستثناء أولئك الذين لقوا حتفهم فى أثناء نقلهم، وكذا إضفاء الشرعية فيما تضمنته قوانين ذاك الوقت.

لقد شكلت تجارة الرقيق عبر الأطلسى أكبر عملية ترحيل فى التاريخ وغالبا ما يشار إليها على أنها النموذج الأول للعولمة. وبامتدادها منذ القرن 16 إلى القرن 19، فقد شملت مناطق وقارات متعددة: أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وأوروبا والكاريبى وتسببت فى بيع ملايين الأفارقة واستغلالهم من قبل الأوروبيين. وكانت السفن المحملة بالبضائع التجارية كالبنادق والمشروبات الكحولية والخيول الموانئ الأوروبية تغادر متجهة إلى غرب أفريقيا، حيث يقومون هناك بتبادل هذه البضائع مقابل أفارقة مستعبدين. ويكون هؤلاء المستعبدون إما أسرى من الحروب أو ضحايا للتجارة المحلية المزدهرة فى أسر العبيد وبيعهم. ثم تبدأ السفن المشحونة بالعبيد الأفارقة رحلتها عبر "الممر الأوسط" متجهة إلى المستعمرات الأمريكية والأوروبية فى الكاريبى وأمريكا الجنوبية. ولنقل أكبر عدد من العبيد، عادة ما كان مكان المسافرين الأقل تكلفة من السفينة. وأشار تقدير إلى أن واحدا من بين كل ستة عبيد قد لقى مصرعه فى هذه الرحلة بسبب الظروف العسيرة وغير الصحية.

ومع بداية القرن 19، بدا المجتمع الدولي يعي بأنه غدا من الصعوبة بمكان التسامح مع تجارة الرقيق. وبدا الزخم الأولي للتحول عن هذه النظرة — التي كان مقبولة تماما في ما سبق — مع بدايات حركة الأنغلو - أمريكيين لإلغاء الرق. فقد كان تواصل بين الأفراد والمنظمات، فكتبت الكتب ونشرت، ووزعت المنشورات والصحف كجزء من الجهد الرامي إلى رفع مستوى الوعي بهذه القضية. وكانت تلك البداية هي بداية واحدة من أكبر الحركات الإنسانية على الإطلاق. واضطلع عديد السود المنخرطين في قضية إلغاء الرق بدور رئيسي في هذه الحركة، بمن في ذلك المجموعة البريطانية التي عرفت بـ " أبناء أفريقيا"، الذين كان من بينهم أولادا إيكوانو (غوستافاس فاسا) و أوتوباه كوغوانو.
وزادت قوة حركة إلغاء الرق بوجود مجموعات الكويكرز التي عملت على إحداث تغيير من الألف إلى الياء. وبدأت عدة ولايات ضمن الولايات المتحدة، ابتداء بولاية فيرمونت في عام 1777 بإصدار قوانين تجرم الرق والإتجار بالرقيق قبل التشريع الاتحادي بفترة طويلة. في الليلة الواقعة بين يومي 22 و 23 أغسطس 1791، انتفض رجال ونساء، مم اُسترقوا في أفريقيا واجتثوا منها. تمردوا على نظام الرق بغية تمكين هايتي من نيل حريتها و استقلالها، ونالوا مبتغاهم في عام 1804 . ومثل هذا التمرد منعطفا في تاريخ البشرية، كان له أثر عظيم في مسألة تأكيد الطابع العالمي لحقوق الإنسان، ونحن مدينون بذلك لهؤلاء المتمردين. وزاد الجهد العالمي مع توقيع عديد الأمم على المعاهدات الدولية بهذا الشأن.
وبحلول عام 1807، كانت كل من بريطانيا العظمى و الولايات المتحدة قد ألغيا تجارة الرقيق عبر الأطلسي. إلا أن هذه الجهود لم تعن انتهاء الرق. وبعد مرور عقود عدة، أنهى قانون إلغاء الرق لعام 1833 العبودية في كندا وجزر الهند الغربية البريطانية ورأس الرجاء الصالح، في حين وقع قانون إلغاء الرق الهندي في عام 1843. وألغي الرق في فرنسا في عام 1848، كما ألغي في الأرجنيتين في عام 1853، وألغي كذلك في المستعمرات الهولندية وفي الولايات المتحدة في عام 1863، وألغي كذلك في البرازيل في عام 1888.

وأحدث تاريخ الاتجار بالرقيق الأسود والاسترقاق سيلا من السخط والقسوة والمرارة لم ينضب حتى الآن. ويمثل هذا التاريخ أيضا سجلا للشجاعة والحرية والاعتزاز بالحرية التي استعيدت، تتلاقى فيه كل الإنسانية، بما فيها من ضلال ونبل. ولعل طمس هذا التاريخ أو نسيانه يمثل خطأ وجريمة. وتسعى اليونسكو من خلال مشروعها "طريق الرقيق" إلى أن تستمد من هذه الذاكره العالمية القوة اللازمة لبناء عالم أفضل ولإظهار العرى التاريخية والأخلاقية التي تؤلف بين الشعوب. ولقد أعلنت الأمم المتحدة، من هذا المنطلق ذاته، العقد الدولي للسكان المنحدرين من أصل أفريقي (2015 - 2024. ( وتسهم اليونسكو في هذا العقد من خلال برامجها التربوية والثقافية والعملية، بغية تعزيز مساهمة السكان المنحدرين من أصل أفريقي في بناء المجتمعات الحديثة وضمان المساواة في الكرامة لجميع البشر، بلا أي تمييز.

أ ش أ