• السنة الدولية للُغات الشعوب الأصليّة
    السنة الدولية للُغات الشعوب الأصليّة

القاهرة في 22 يناير / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط

تطلق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة " اليونسكو" يوم 28 يناير الحالى الاحتفال بالسنة الدولية للغات السكان الأصليين لعام 2019، وذلك تحت شعار " لغات السكان الأصليين لأغراض التنمية المستدامة وبناء السلام والمصالحة "، حيث تضطلع اللغات بدور بالغ الأهمية في الحياة اليومية لجميع الشعوب ، وهي تضطلعا كذلك بدور محوري في مجالات حماية حقوق الإنسان وبناء السلام والتنمية المستدامة من خلال ضمنان التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات . ومع ذلك ، لا تزل اللغات في جميع أنحاء العالم على الرغم من قيمتها الثمينة تندثر بسرعة تنذر بالخطر، وكثير من تلك اللغات هي من لغات الشعوب الأصلية. ولغات الشعوب الأصلية هي على وجه التخصيص من العوامل المهمة في طائفة واسعة من قضايا الشعوب الأصلية من مثل التعليم والتنمية التكنولوجية والعلمية والمحيط الحيوي وحرية التعبير والعمل والإدماج الاجتماعي. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب الوثيقة 71/178، عام 2019 سنة دولية للغات الشعوب الأصلية ، وذلك في خطوة منها لرفع مستوى الوعي العالمي بالمخاطر الجسيمة التي تهدد لغات الشعوب الأصلية ، وأهمية هذه اللغات لضمان التنمية المستدامة ، والمصالحة والحكم الرشيد وبناء السلام . وستساهم هذه السنة الدولية في تيسير الوصول إلى هذه لغات الشعوب الأصلية والترويج لها ، ناهيك عن تحقيق تحسن ملموس في حياة هذه الشعوب من خلال تعزيز قدرات أبناء هذه اللغات والمنظمات المعنية بالشعوب الأصلية.

وتشير تقارير اليونسكو ، أن عدد السكان الأصليين في العالم يقدر بنحو 370 مليون نسمة يعيشون في 90 بلداً. وهذا العدد أقل من 5 % من سكان العالم ولكنه يشكل 15 % من أفقر السكان. وهم يتحدثون بأغلب لغات العالم المقدرة ب 7 آلاف لغة ويمثلون5 آلاف ثقافة مختلفة. ويعتبر الشعوب الأصلية ورثة وممارسون لثقافات فريدة وطرق تتصل بالناس والبيئة. وقد احتفظوا بخصائص اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية تختلف عن خصائص المجتمعات السائدة التي يعيشون فيها. وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية ، فإن الشعوب الأصلية من جميع أنحاء العالم تشترك في مشاكل مشتركة تتعلق بحماية حقوقها كشعوب متميزة. وقد سعت الشعوب الأصلية إلى الاعتراف بهوياتها وطريقة حياتها وحقها في الأراضي والأقاليم والموارد الطبيعية التقليدية لسنوات ، ولكن عبر التاريخ فإن حقوقهم تنتهك دائماً. ويمكننا القول أن الشعوب الأصلية اليوم من بين أشد الفئات حرماناً وضعفاً في العالم . ويدرك المجتمع الدولي الآن أنه يلزم اتخاذ تدابير خاصة لحماية حقوقهم والحفاظ على ثقافاتهم وطريقة حياتهم المتميزة.

ورغم الاعتقاد السائد بأن الشعوب الأصلية تعيش غالباً في المناطق الريفية ، فالحقيقة أن كثيراً من المناطق الحضرية ، هي كذلك مواطن لطائفة واسعة من السكان الأصليين. ففي أمريكا اللاتينية ، يعيش ما يقرب من 40% من مجمل سكان الشعوب الأصلية في المناطق الحضرية ، وتزيد تلك النسبة إلى 80 % في بعض بلدان الإقليم . ويواجه المهاجرون والمهاجرات من الشعوب الأصلية طائفة كبيرة من التحديات، بما في ذلك صعوبة الوصول إلى الخدمات العامة ، وبعضاً من الممارسات التمييزية. وتعتبر لغات الشعوب الأصلية على وجه التخصيص، من العوامل المهمة في طائفة واسعة من قضايا الشعوب الأصلية مثل: التعليم ، والتنمية التكنولوجية والعلمية، والمحيط الحيوي، وحرية التعبير، والعمل، والإدماج الاجتماعي.

وكشف الطبعة الجديدة من أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار الصادر عن منظمة اليونسكو ، حيث يقدم هذا البرنامج الرقمي التفاعلي بيانات تم تحديثها عن نحو 2500 لغة مهددة بالاندثار حول العالم ويمكن في ما بعد استكمالها أو تصحيحها أو تحديثها بشكل مستمر بفضل مساعي المستخدمين. ويسمح الأطلس بالبحث حسب معايير عديدة ومتفرقة وبتصنيف حيوية اللغات المهددة بالاندثار على خمسة مستويات مختلفة هي: اللغات الهشة ؛ اللغات المعرضة للخطر؛ اللغات المعرضة لخطر كبير؛ اللغات المحتضرة؛ اللغات الميتة منذ العام 1950.

وتثير بعض هذه البيانات القلق بشكل خاص، فمن أصل 6000 لغة متداولة في العالم، انقرضت نحو 200 لغة على مدى الأجيال الثلاثة الأخيرة في حين تعتبر 573 لغة أخرى من اللغات المحتضرة ؛ و502 لغة من اللغات المعرضة للخطر الشديد ؛ و632 لغة من اللغات المعرضة للخطر؛ و607 لغات من اللغات الهشة. فعلى سبيل المثال، يذكر الأطلس، أن هناك 199 لغة ينطق بها أقل من 10 أشخاص في العالم ؛ و178 لغة أخرى ينطق بها ما بين 10 و50 شخصا. ويذكر الأطلس من بين اللغات التي انقرضت منذ فترة وجيزة لغة آساكس في تنزانيا التي اندثرت عام 1976؛ ولغة أوبيخ في تركيا التي انطفأت مع رحيل توفيق إسينش عام 1992؛ ولغة إياك في ألاسكا التي ماتت عام 2008 مع موت ماري سميث جونز. وينبه الأطلس إلى أن الهند والولايات المتحدة والبرازيل واندونيسيا والمكسيك، وهي بلدان تعرف بتعددها اللغوي، هي أكثر البلدان التي تضم لغات معرضة للخطر.

وذكر الأطلس ، أن قارة أفريقيا تعد حاضنة لأكبر نسبة من الشعوب الأصلية حيث تضم 50 مليون شخص، ومن بين 6 آلاف لغة في العالم، تحتوي إفريقيا على ثلث لغات العالم، 80 % منها لا تملك صياغة كتابية محددة، وهذا بالمقارنة مع أوروبا التي تملك ثمن سكان العالم وتضم نحو 300 لغة فقط . وتنقسم اللغات الإفريقية إلى 1436 لغة إلى أسرن نيجر كونغو؛ و371 أفروآسيوية؛ لغة نيل صحراوية ؛ و35 لغة خويسان في جنوب القارة. كما توجد تجمعات كبيرة منهم في شمال أفريقيا، حيث يعيش الأمازيغ أو البربر، إضافة إلى أخرين في النيجر ومالي وبوركينا فاسو والكاميرون في غربقا إفريقيا، وفي شرق أفريقيا يوجد سكان رعويون في إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا، فضلا عن أخرون في جنوب أفريقيا.

أ ش أ