• اليوم العالمي للتربة
    اليوم العالمي للتربة

القاهرة في 3 ديسمبر / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط

تحيي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" بعد غد (الاربعاء) اليوم العالمي للتربة لعام 2018 تحت شعار " كن الحل لمشكلة تلوث التربة" حيث يهدف إلي إيقاف تلوث التربة وهو في صميم الشراكة العالمية للتربة ، كما أن نعمل لضمان أن الناس لديهم طعام آمن ومغذ بهدف حياة نشطة وصحية دون تعريض النظم البيئية الأساسية للخطر. إن التلوث في هذه الأيام هو مصدر قلق - وتتأثر التربة أيضا. وتلوث التربة هو خطر خفي يتربص تحت أقدامنا.
وتشير تقارير الفاو إلي أن ثلث تربتنا العالمية متدهورة بالفعل. ومع ذلك ، فإننا نخاطر بخسارة أكثر بسبب هذا الخطر الخفي. ويمكن أن يكون تلوث التربة غير مرئي ويبدو بعيدا ، لكن الجميع في كل مكان يتأثر. ومع تزايد عدد السكان المتوقع أن يصل إلى 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050، وتلوث التربة هو مشكلة عالمية الذي يحط تربتنا، والسموم في الطعام الذي نأكله، والماء الذي نشربه والهواء الذي نتنفسه. ولا يزال كيان المشكلة غير معروف حيث لا تتوفر بيانات معينة على نطاق عالمي.
وتتمتع التربة بإمكانية كبيرة لتصفية الملوثات وتحللها ، وللتقليل والتخفيف من الآثار السلبية للملوثات ، ولكن هذه القدرة محدودة. وتأتي معظم الملوثات من الأنشطة البشرية ، مثل الممارسات الزراعية غير المستدامة ، والأنشطة الصناعية والتعدين ، والنفايات الحضرية غير المعالجة وغيرها من الممارسات الودية غير البيئية. ومع تطور التكنولوجيا ، يتمكن العلماء من تحديد الملوثات التي لم يتم رصدها من قبل ، ولكن في الوقت نفسه ، تؤدي هذه التحسينات التكنولوجية إلى إطلاق الملوثات الجديدة في البيئة. وفي جدول أعمال التنمية المستدامة 2030 ، أهداف التنمية المستدامة 2 و 3 و 12 و 15 لديها أهداف تشيد بشكل مباشر بموارد التربة ، وخاصة تلوث التربة وتدهورها فيما يتعلق بالأمن الغذائي. لقد حان الوقت للكشف عن هذه الحقيقة المهددة. تتطلب مكافحة تلوث التربة أن نوحد القوى ، ونحول التصميم إلى عمل، كن الحل لتلوث التربة.
وكان الاتحاد الدولي لعلوم التربة قد أوصي في عام 2002 بيوم دولي للاحتفال بالتربة. وتحت قيادة مملكة تايلند وفي إطار الشراكة العالمية من أجل التربة، دعمت منظمة الأغذية والزراعة الإنشاء الرسمي لليوم العالمي للتربة كمنصة توعية عالمية. وأقر مؤتمر المنظمة بالإجماع اليوم العالمي للتربة في يونيو 2013 وطلب اعتماده رسميا في الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي ديسمبر 2013، استجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد القرار 232/ 68 بتخصيص يوم 5 ديسمبر 2014 رسمياً كأول يوم عالمي للتربة ، كوسيلة لتركيز الاهتمام على أهمية التربة الصحية والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد التربة.
كل شيء يبدأ بالتربة. وقليل هم الذين يعرفون أن التربة هي مورد غير متجدد. إذ يستغرق صنع 1 سم من التربة أكثر من 1000 سنة. وهذا يعني أن كل التربة التي نراها في حياتنا هي كل ما هنالك منها. والتربة تقدم لنا أشياء مذهلة نأخذها أحيانا كأمر مسلم به. فهي تحافظ على إنتاج الأغذية، وتصفي مياهنا، وهي مصدر لأدويتنا، وتساعدنا على مكافحة تغير المناخ والتكيف معه. وتعمل التربة كمنقي وعازل للملوثات، لكن قدرتها على التأقلم محدودة. إذا تم تجاوز قدرة التربة على التخفيف من آثار الملوثات، تلوث الملوثات أقسام أخرى من البيئة . وتحتوي التربة على 3 أضعاف الكربون الموجود في الغلاف الجوي، مما يساعدنا في التصدي لتغير المناخ. ويمكن للممارسات الزراعية غير المستدامة التي تقلل المواد العضوية في التربة أن تسهل إطلاق الملوثات في المياه الجوفية أو أن تجعلها متاحة لامتصاص النباتات ودخولها في السلسلة الغذائية. وتتراكم الملوثات في الأنسجة النباتية، وتنتقل إلى حيوانات الرعي، والطيور التي تأكل الفواكه والبذور، أو إلى البشر الذين يستهلكونها. وتصبح العديد من الملوثات أكثر تركيزًا عندما ترتفع السلسلة الغذائية، مما يزيد من احتمال إلحاق ضرر بصحة الإنسان. يمكن للكائنات الحية في التربة مثل ديدان الأرض أن تمتص ايضا الملوثات. ويسبب تلوث التربة تفاعلاً متسلسلاً يبدأ بتناقص التنوع البيولوجي للتربة، ويغير معدلات دمج المواد العضوية، ثم تضعف بنية التربة وقدرتها على مقاومة التآكل .
إن عملية النترجة التي تحدث بعد استخدام الأسمدة النيتروجينية المفرطة في التربة يمكن أن تؤدي إلى تحمض كبير وسريع، والذي يحدث فقط على مدى مئات إلى ملايين السنين تحت الظروف الطبيعية. يؤثر التحمّض على التوافر الحيوي للملوثات ويمكن أن يؤدي إلى تسمم معدني في النباتات. وتتراكم النترات أيضاً ويمكن أن تتسرب بسهولة إلى المياه الجوفية. ويسهم أكسيد النيتروز (N2O)، وهو أحد الغازات الدفيئة الرئيسية، في تغير المناخ عندما يتم إطلاقه من التربة المخصبة بشكل مفرط.

وكشف نشر تقرير جديد لمنظمة الفاو لعام 2018 ، تحت عنوان " تلوث التربة : الواقع المخفي"، أن التصنيع والحروب والتعدين وتكثيف الزراعة، تسببت في تلوث التربة في جميع أرجاء الأرض، كما أن نمو المدن أدى إلى إستخدام التربة كحوض للكميات المتعاظمة من مخلفات المدن. وأوضح التقرير إلي أن المصادر الرئيسية لتلوث التربة تتمثل فيما يلي :
تطلق الأنشطة الصناعية كميات كبيرة من المواد الكيميائية في البيئة أثناء التصنيع والنقل والاستخدام ؛ تولد أنشطة التعدين كميات كبيرة من المواد السامة التي يمكن أن تنشرها الرياح والمياه إلى مناطق بعيدة ؛ يؤدي التمدد العمراني إلى زيادة البنية التحتية للنقل وإنتاج النفايات، مما قد يؤدي إلى تلوث التربة ؛ وتلوث أنشطة الزراعة وتربية المواشي التربة من خلال الاستخدام المفرط للمبيدات والأسمدة، واستخدام مياه الصرف غير المعالجة للري، واستخدام السباخ وحمأة الصرف الصحي بمضادات حيوية عالية، وبكتيريا مقاومة لمضادات الميكروبات ومحتوى معدني ثقيل؛ والمنتجات المشتقة من البترول التي يتم إطلاقها أو توزيعها في البيئة؛ والأدخنة الناتجة عن النقل.
وتثير مشكلة ما يسمى بـ"الملوثات الناشئة" المزيد من القلق، وتشمل هذه الملوثات الأدوية ومسببات اضطراب الغدد الصماء والملوثات البيولوجية والهرمونية و"النفايات الإلكترونية" من الأجهزة الإلكترونية القديمة والمواد البلاستيكية التي تستخدم في الوقت الحاضر في كل نشاط بشري تقريباً. ويلاحظ تقرير "الواقع المخفي" عدم وجود أي بيانات علمية تقريباً توضح مصير المواد البلاستيكية في التربة، في حين أن غالبية النفايات الإلكترونية يتم التخلص منها في مكبات النفايات بدلاً من إعادة تدويرها.

أ ش أ