• بين أمريكا وتركيا ، روسيا تستفيد
    بين أمريكا وتركيا ، روسيا تستفيد

القاهرة في 17 أكتوبر /أ ش أ/ تحليل يكتبه: شحاتة عوض (مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط)

بينما تصف بعض الدوائر في الولايات المتحدة قرار الإنسحاب العسكري الأمريكي من شمال سوريا، بأنه كان كارثيا للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، يرى كثير من المراقبين والمحللين السياسيين أن روسيا ربما تكون الرابح الأكبر مما يجري حاليا من تطورات على الأرض في الشمال السوري، وأن مكاسب موسكو من ذلك تتجاوز تعزيز نفوذها في سوريا إلى عموم المنطقة.
ورغم الوجود العسكري المحدود للولايات المتحدة في شمال سوريا، إلا أن هذا الوجود على رمزيته كان يشكل عامل توازن مهما بين اللاعبين الدوليين والإقليميين في المنطقة. ولذلك فقد جاء قرار الانسحاب الأمريكي المفاجئ، والذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب منذ أكثر من أسبوع، وما ترتب عليه من تداعيات دراماتيكية، ليعيد رسم خريطة المشهد الميداني في المنطقة، وبصورة قد تكون لها تداعياتها على موازين القوى وعلى خريطة التحالفات الاقليمية والدولية.
فقرار ترامب بسحب العدد المحدود من الجنود الأمريكيين المتواجدين في مناطق شمال شرقي سوريا على الحدود مع تركيا، كان - كما وصفه الأكراد السوريون بـ " طعنة في الظهر" من الحليف الأمريكي - في حين أنه منح الفرصة لأطراف عديدة أخرى لتعزيز نفوذها ومكتسباتها السياسية واللوجستية على الأرض في سوريا والإقليم، وعلى رأس هذه الأطراف روسيا وحلفائها في سوريا.
صحيح أن سحب القوات الأمريكية كان بمثابة ضوء أخضر لتركيا لاجتياح الشمال السوري لملاحقة المقاتلين الأكراد السوريين أو ما يعرف باسم "قوات سوريا الديمقراطية"، والذين تصفهم أنقرة بأنهم إرهابيون وحلفاء لـ "حزب العمال الكردستاني"، الذي يخوض حربا دامية منذ عقود ضد الدولة التركية، لكن المستفيد الأهم ما يحدث حاليا، هو روسيا التي تعزز نفوذها على حساب الدور الأمريكي في المنطقة.
فقد كان التواجد الأمريكي - على محدوديته - يمثل، كما يؤكد محللون، ما يمكن اعتباره ضمانة أمنية من جانب الولايات المتحدة للأكراد السوريين، الذين أصبحوا حلفاء معتمدين لديها في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي. كما أن هذا الوجود كان يتيح للأمريكيين أن يكونوا حاضرين في أي ترتيبات قادمة تخص الحل النهائي للازمة السورية من ناحية، والتصدي للنفوذ الروسي والإيراني في سوريا من ناحية أخرى.
لمتابعة تقارير مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط ،يرجى الأشتراك في النشرة العامة للوكالة.
/ أش أ /