• الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية
    الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية

قال الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، إن سلاح الشائعات يعد أحد أقدم وسائل الحروب الرديئة التي يستخدمها الأعداء الذين يعروفون بالخسة عبر الحقبات التاريخية المختلفة، مشيرًا إلى أن مصر عانت كثيرًا من هذا السلاح الذي كبدها الكثير من الوقت والجهد لإعادة استقرار الأمور إلى نصابها واستعادة الثقة التي تعد أحد أهم أركان بناء الحضارات الرصينة.

وكشف الزهار - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء - أن الشائعات التي أضرت مصر بالغ الضررعندما كانت هناك رغبة من الغازي العثماني سليم الأول لاحتلال مصر، فقام بالترويج بأن الحكم العثماني أفضل من المملوكي، وأن العثمانيين سيوفرون للمصريين الأمن والأمان.

وأضاف أنه تم إطلاق الشائعات لخلق حالة من اللهو للناس لعل أطرفها كانت شائعة بأن يوم الجمعة – الذي سيسبق دخول العثمانيين - هو يوم القيامة، وصدق الناس هذا الكلام، وأصبح كل شخص ظلم شخصًا آخر يعتذر إليه ويرد إليه الشيء الذي أخذه منه، واكتظت الجوامع بالمصلين وعم المصريين حالة في البعد عن التفكير في الحياة السياسية والوطنية حتى احتل العثماني ورفاقه أرض مصر وقتلوا فيها ما يقرب من ٢٥ ألفًا من المصريين.

وأشار الزهار إلى أن هناك عدة أشكال من نشر الشائعات عبر التاريخ وخاصة باستخدام وسائل الإعلام العتيقة في العصور القديمة وهي الكتابة، فنجد أن الشائعات التي أطلقها الأسعد بن مماتي في كتابه الشهير "الفاشوش في حكم قراقوش" على أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي المعروف بـ بهاء الدين قراقوش وهو من كبار رجال دولة صلاح الدين الأيوبي والذي ألفه في القرن السادس الهجري والتي كانت من أسوء أشكال الشائعات ولصق التهم بالباطل.

وأوضح أنه أراد من خلال هذا الكتاب إطلاق الشائعات على قراقوش ليجعل في المخيلة الجماعية للشعب صورة غير صحيحة عن عدوه، وقد كان بهاء الدين قراقوش رجلًا ذو حيثية فقد ذكر ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" أن في الكتاب أشياء يبعد وقوع مثلها منه، ويرى أنها مكتوبة، لأن السلطان صلاح الدين كان يعتمد في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه.

وقال إن من أشهر الشائعات أيضًا التي طالت قراقوش ذكر "ابن خلكان" أنه نظم كتاب كليلة ودمنة، لهز الثقة بقراقوش قائد صلاح الدين الأيوبي أقرب المقربين إليه، لأنه كان يعهد إليه بأمانة الإشراف على شئون مصر نيابة عنه عندما كان يضطر إلى السفر إلى سوريا للقاء الصليبيين.

وعن الشائعات في زمن المماليك، أوضح الزهار أن الحياة السياسية كانت تمتلئ بالشائعات نظرًا لطبيعة العصر السياسية والأخطار التي تحيط بالبلاد من الداخل والخارج، ولعل من أشكال تلك الشائعات تلك التي أدت إلى الوقيعة بين السلطان قايتباي وبين أمرائه المقربين مثل يشبك الدوادار، بل ومحاولة اغتيال السلطان نفسه وبعض أمرائه، الجرم الذي أدين به أحد كبارهم وهو الأمير أزدمر الطويل والذي تجاوز عنه السلطان واكتفى بحبسه في أسيوط، لولا أن ألح الأمير يشبك في قتله فكان ذلك.