• يوم التراث العالمي الأفريقي
    يوم التراث العالمي الأفريقي

القاهرة في 3 مايو / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط

تحيي بعد غد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة " اليونسكو" الذكري الرابعة ليوم التراث العالمي الأفريقي 2019، حيث يعتبرالخامس من مايو، وهو اليوم الذي أقره المؤتمر العام لليونسكو في جلسته الـ 38 (نوفمبر 2015) للاحتفال بيوم التراث العالمي للتراث الإفريقي، وهو مناسبة لجميع الشعوب في أنحاء العالم، وخاصة الإفريقية، للاحتفال بالتراث الثقافي والطبيعي الخاص بالقارة.

ففي الوقت الذي لا يزال فيه تمثيل أفريقيا ناقصا على قائمة التراث العالمي (إذ تشكل الممتلكات الأفريقية حوالي 12% من مجوع المواقع المدرجة على القائمة من جميع أنحاء العالم)، فإن نسبة عالية جداً من هذه الممتلكات 39 % مدرجة على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر. وفي ظل ما تواجهه القارة من تهديدات مختلفة متمثلة بتغيير المناخ، والتنمية غير المنضبطة، والصيد غير المشروع، والاضطرابات الأهلية وعدم الاستقرار، فإن العديد من المواقع الأفريقية التي تحظى بصفة "عجائب" معرضة لخطر فقدان قيمتها العالمية المرموقة. ولذلك فقد بات من الملحّ، أكثر من أي وقت مضى، صون هذا التراث الذي لا غنى عنه والمحافظة عليه من أجل الأجيال القادمة.

وتلتزم اليونسكو بالمضي قدما بحشد الجهود الدولية الرامية إلى استثمار الإمكانات الهائلة للتراث الثقافي والطبيعي الافريقي كقوة داعمة من شأنها الحد من الفقر وتعزيز التماسك الاجتماعي بالإضافة إلى كونها دافعا للتنمية المستدامة والابتكارات. تهدف اليونسكو من خلال هذا اليوم العالمي إلى إذكاء الوعي العالمي بشأن التراث الافريقي مع التركيز بشكل خاص على فئة الشباب وعلى حشد التعاون لضمان صونها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. وتزخر القارة الأفريقية بشواهد ومعالم تراثية كثيرة وبالغة القيمة الثقافية والتاريخية، إلا أن وضعية الكنوز التراثية بالقارة تثير تساؤلات بشأن دور الحكومات والمنظمات الأهلية والمجتمع الدولي عموما في الحفاظ عليها وتثمينذاكرة خصبة لم تبح بكل أسرارها. ولعل قائمة المواقع التراثية المصنفة لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) تكرس هذا القصور في العناية بترسانة من المعالم التي يفترض أن تكون مبعث فخر قومي وكوني وقاطرة سياحة ثقافية وتنمية مستدامة لبلدان القارة. وتشير الأرقام إلى أن من بين 981 معلما مسجلا في قائمة التراث العالمي، لا تمثل القارة السمراء إلا بـ 128 معلما تتوزع على 40 بلدا، ولا تشكل هذه النسبة سوى 13%، كما أن 43% من المعالم الأفريقية تعد ضمن التراث المهدد بالخطر.

ويستهدف الصندوق الأفريقي للتراث العالمي الذي أنشئ في عام 2006، تعزيز القدرات في ما يخص حماية وصون التراث في القارة، ولاسيما عن طريق تنفيذ أنشطة تدريبية في هذا الصدد. غير أن نقص التمويل يحد من نطاق الأنشطة التي تقرر تنفيذها. وقد أشار "سيبوسيو اكسابا" رئيس الصندوق الأفريقي للتراث العالمي، إن التمويل المتاح لنا لا يتعدى 5 ملايين دولار، وهو ما يقل بوضوح عن التمويل البالغ قدره 25 مليون دولار الذي تقرر عند إنشاء الصندوق في عام 2006، ودعا اكسابا مختلف بلدان المنطقة إلى تخصيص مزيد من الموارد المالية. أما الاحتياجات الضخمة والنزاعات المسلحة وعوامل التوسع العمراني المتزايد واستغلال الموارد الطبيعية وتغير المناخ والتهديدات الطبيعية، مثل ذوبان الكتل الجليدية في قمة كلمنجارو أو تآكل سواحل بحيرة تشاد، فهي التحديات التي تواجه مواقع التراث العالمي. وقد أشارت أيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو، إلي أنه لا ينبغي لنا أن نقف مكتوفي الأيدي ونكتفي بمراقبة الأوضاع، بل يجب علينا أن نعمل وأن نحث الآخرين على التعبئة، وهذا هو ما قصدنا عمله في مالي، حيث قادت اليونسكو الأنشطة الرامية إلى صون تراث هذا البلد الذي يعود تاريخه إلى آلاف السنين. وكانت منظمة "اليونسكو" قد أدرجت بداية من سنة (1978) 129 مواقعًا للتراث في إفريقيا ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، وتقع هذه المواقع في 37 بلداً، وتعد إثيوبيا الدولة الأكثر احتواءً للمواقع الأثرية في إفريقيا (تسعة مواقع)، كما تحوي اثنتا عشرة دولة موقعا واحدا فقط. وأدرجت المواقع الأولى من القارة في عام 1978، حيث تم اختيار جزيرة غوريه في السنغال والكنائس المحفورة في صخر لاليبلا من إثيوبيا عند وضع القائمة، وتملك 5 بلدان في شمال إفريقيا (مصر والجزائر وتونس والمغرب وليبيا) نحو 50% من إجمالي المواقع الثقافية لإفريقيا. وتسمى بعض المواقع، بالمواقع المختلطة، لتوفرها على عناصر التراثين الثقافي والطبيعي يوجد في إفريقيا 83 موقعا ثقافيا ، و41 موقعا طبيعيا ، و5 مواقع مختلطة.

وتحدد لجنة التراث العالمي المواقع المهددة بالانقراض، وتحدد أيضا الظروف التي تهدد الخصائص المميزة والتي بفضلها أدرجت تلك المواقع على قائمة التراث العالمي، ومثل سائر مواقع التراث العالمي، تخضع المواقع المهددة بالخطر لإعادة التقييم من قبل لجنة في كل عام خلال الدورات العادية. وتم تصنيف المواقع في إفريقيا ضمن المواقع المهددة بالخطر لمجموعة متنوعة من الأسباب ، مثل : إزالة الغابات والصيد ، الحرب الأهلية ، التهديدات بأخذ الرهائن من الموظفين، مشاريع النفط والغاز وإستخراج المعادن، التدهور في التنوع البيولوجي، والأضرار الهيكلية التي لحقت بالمواقع.

وتنفذ اليونسكو عدة مشاريع فى إفريقيا يأتى فى مقدمتها إعادة بناء أضرحة تمبكتو بعد تدميرها على يد جماعات إسلامية متطرفة، وقد قام بالجزء الأعظم من إعادة البناء الحرفيون المحليون، وقد دعمت جهودهم اليونسكو، وإعادة بناء أضرحة "تمبكتو" مثال رائع للتنفيذ الناجح لقرارات لجنة التراث العالمي، فمنذ إدراج الموقع في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في عام 2012، تناولت لجنة التراث العالمي دراسة هذه الحالة، وعملت على التصدى لمعالجتها. وأضرحة "تمبكتو" تمثل أماكن للزيارات ذات الطابع الدينى والثقافى والاجتماعى منذ أمد طويل يرتادها أفراد الشعب في مالي وشعوب البلدان المجاورة، وساد الاعتقاد على نطاق واسع أن هذه الأضرحة تحمي المدينة منالمخاطر، أما أقدم هذه الأبنية فقد أُنشئت في القرن الثالث عشر، كما أُدرج ستة عشر منها في قائمة التراث العالمي، وتم تدمير 14 ضريحا في عام 2012، وهو ما يمثل خسارة فادحة للمجتمعات المحلية. وتبعا لذلك، طلبت حكومة مالي في عام 2013 مساعدة الشركاء في الخارج، ومن بينهم اليونسكو.

ومن أشهر المواقع التي تم إدراجها في مصر وهي: أبو مينا 1979؛ القاهرة الإسلامية 1979؛ مدينة طيبة القديمة ومقبرتها 1979؛ معالم النوبة من أبو سمبل إلى فيلة 1979؛ ممفيس ومقبرتها منطقة الأهرام من الجيزة إلى دهشور 1979؛ منطقة القديسة كاترين 2002؛ وادي الحيتان 2005.

ومن ضمن أهم المشاريع التى تنفذها اليونسكو فى إفريقيا يأتى مشروع صون بحيرة تشاد، وقضية حماية بحيرة تشاد مسألة تاريخية قديمة؛ فقد أنشئت عام 1964 لجنة تعنى بحماية حوض بحيرة تشاد، وبصون نظمها الإيكولوجية، وتتألف اللجنة من مجموعة من الدول الأعضاء، وهي: الكاميرون وليبيا والنيجر ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والتشاد، وتحصل على تمويلها من مساهمات الدول الأعضاء. وقد نظمت اليونسكو فى أواخر شهر فبراير الماضى المؤتمر الدولي حول بحيرة تشاد، في أبوجا في نيجيريا، للعمل على تكثيف الجهود الدولية للنهوض بالمعارف المتوفرة بشأن بحيرة تشاد، وترميم المناطق الرطبة، وإعادة إحياء مسارات هجرة الحيوانات البرية، وتعزيز الأنشطة المستدامة والمدرة للدخل.

أ ش أ