• اليوم الدولي للمرأة الريفية
    اليوم الدولي للمرأة الريفية

القاهرة في 14 أكتوبر / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط

يحيي العالم غدا (الأثنين )اليوم الدولي للمرأة الريفية 2018 تحت شعار " استدامة الهياكل الأساسية والخدمات والحماية الاجتماعية للمساوة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات " ، حيث يضع هذا الموضوع قضية تمكين المرأة الريفية في مركز القلب من الجهود المبذولة لتحقيق رؤية أهداف التنمية المستدامة. وعلى الرغم من التقدم الذي أحرز على مختلف الجهات، يظل التفاوت بين الجنسين منتشرا في كل بعد من أبعاد التنمية المستدامة؛ وفي كثير من المجالات لم يزل التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع حلول عام 2030 بطئيا. ويتوقف الوفاء بالالتزامات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، كما نصت عليها خطة عام 2030، على الموارد المخصصة وتضافر الجهود التي تبذلها الحكومات والجهات أصحاب المصلحة. فالخدمات الأساسية التي تعتمد عليها النساء والفتيات الريفيات ضعيفة التمويل أو غير متاحة، وغالبا ما تطالها تدابير التقشف. وفي عام 2018، يتوقع أن يخفض 124 بلدا ميزانيتها، مما يعني تآكلا لتدابير الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية التي تعتمد عليها النساء والفتيات الريفيات. وهذا الأمر ليس حتمي الوقوع. فهناك مجال لزيادة أ الموارد أو إعادة تخصيصها بما يعزز الخدمات العامة الضرورية للنساء والفتيات. إنها مسألة إرادة سياسية واستخدام المتاح من أدوات وضع السياسات. وكلفة التقاعس هي ببساطة عالية جدا.

وكانت الجمعية العامة قد حددت بموجب قرارها 136/62 في 18 ديسمبر2007، اعتماد يوم 15 أكتوبر بوصفه يوماً دولياً للمرأة الريفية، وذلك تسليماً منها بما تضطلع به النساء الريفيات، بمن فيهن نساء الشعوب الأصلية، من دور وإسهام حاسمين في تعزيز التنمية الزراعية والريفية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأرياف.
وقد أشار أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالتة ، إلي أن تمكين النساء والفتيات الريفيات أمر لا غنى عنه لبناء مستقبل ينعم فيه جميع الناس بالازدهار والإنصاف والسلام على كوكب ينعم بالعافية. وهو ضروري لتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان العمل اللائق للجميع، والقضاء على الفقر والجوع واتخاذ إجراءات بشأن المناخ. ولكن، لا تزال النساء والفتيات الريفيات يتأثرن أكثر من غيرهن بالفقر وعدم المساواة والاستبعاد وآثار تغير المناخ. وأضاف غوتيريش ، أنه في هذا اليوم الدولي للمرأة الريفية، أهيب بالبلدان إلى اتخاذ إجراءات لضمان تمتع النساء والفتيات الريفيات تمتعا كاملا بحقوق الإنسان الواجبة لهن. وتشمل هذه الحقوق الحق في الانتفاع بالأراضي وضمان حيازتهن لها؛ والحق في الغذاء الكافي والتغذية ؛ وفي حياة خالية من جميع أشكال العنف والتمييز والممارسات الضارة؛ وفي أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية؛ وفي تعليم جيد وميسور التكلفة وفي المتناول طوال دورة حياتهن. ولكي يتحقق هذا لا بد من إصلاحات في مجالات الاستثمار والقانون والسياسة العامة ، ولا بد من إشراك المرأة الريفية في القرارات التي تؤثر على حياتها. وإننا إذا استثمرنا في رفاه النساء والفتيات الريفيات وسبل عيشهن وقدرتهن على الصمود، نحقق التقدم للجميع.

يزداد الاعتراف بما للنساء والفتيات من دور في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية وتحسين سبل المعيشة الريفية والرفاهية العامة. وتمثل النساء بنسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، بما في ذلك العمل غير الرسمي، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي في إطار أسرهن في المناطق الريفية. كما أنهن يسهمن إسهامات كبيرة في الإنتاج الزارعي وإتاحة الأمن الغذائي وإدارة الأراضي والموارد الغذائية، فضلا عن إسهاماتهن في بناء القدرات على التكيف مع المناخ.

ومع ذلك، تعاني النساء والفتيات في المناطق الريفية من فقر متعدد الأبعاد. فبينما انخفض الفقر على الصعيد العالمي، لم يزل سكان العالم البالغ عددهم مليار نسمة يعيشون في ظروف فقر مرفوضة تتركز في المناطق الريفية بدرجة كبيرة، مما يعني أن معدلات الفقر في المناطق الريفية هو أعلى بكثير من معدله في المناطق الحضرية. ومع ذلك، تنتج أصحاب الحيازات الصغيرة ما يقرب من 80% من الأغذية في ىسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتدعم سبل العيش لحوالي 2.5 مليار شخص. وعلى الرغم من أن المزارعات ربما امتلكن ما يمتكله نظرائهن من الرجال من القدرة على الإنتاج والريادة التجارية، إلا أنهن أقل قدرة على الحصول الأرض والائتمان والمدخلات الزراعية والأسواق وسلاسل الأغذية الزراعية عالية القيمة، فضلا عن تلقيهن لعروض سعرية أقل لمحاصليهن. ولم تزل الحواجز الهيكلية والأعراف الاجتماعية التمييزية تعوق سلطة صنع القرار للمرأة ومشاركتها السياسية في الأسر والمتجتمعات الريفية. وتفتقر النساء والفتيات في المناطق الريفية إلى المساواة في الحصول على الموارد والأصول الإنتاجية، والحصول على الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية والهياكل الأساسية (بما في ذلك المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي)، في حين يمارس كثير منهن مهاما كثيرة مجهولة أو غير مدفوعة الأجر، حتى مع زيادة أعباء عملهن كثيرا بسبب هجرة الرجال إلى الخارج. وعلى الصعيد العالمي، وبإستثناء عدد قليل من الحالات، تكشف المؤشرات المتعلقة بنوع الجنس والتنمية عن المرأة الريفية تعاني أكثر من الرجل في المناطق الريفية، فضلا عن ما يعايشنه من فقر وإقصاء وتأثر بتبعات تغير المناخ. إن تأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك القدرة على الوصول إلى الموارد الإنتاجية والطبعية، تزيد من غياب المساواة بين الجنسين في المناطق الريفية. ويختلف تأثير تغير المناخ على الأصول التي يتملكها الرجال عن تأثيره على تلك التي تمتلكها النساء، كما يختلف رفاه كل منهم في ما يتصل بالإنتاج الزراعي و الأمن الغذائي والصحة والمياه المأمونة و مصادر الطاقة، والهجرة والصراعات الناجمة عن تغير المناخ ، والكوارث الطبيعية المتعلقة بتغير المناخ.

وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للمرأة ، إلي أنه على الصعيد العالمي ، وباستثناء عدد قليل من الحالات ، يكشف كل مؤشر عن نوع الجنس والتنمية ، حيث تتوفر بيانات بشأنه عن أن المرأة الريفية أسوأ من الرجال والنساء الريفيين في المناطق الحضرية ، وأنها تعاني بشكل غير متناسب من الفقر والاستبعاد وآثار تغير المناخ. إن تأثيرات تغير المناخ ، بما في ذلك على الوصول إلى الموارد الإنتاجية والطبيعية ، تزيد من عدم المساواة القائمة بين الجنسين في المناطق الريفية. ويؤثر تغير المناخ على أصول النساء والرجال ورفاههم بشكل مختلف من حيث الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والصحة وموارد المياه والطاقة والهجرة والنزاعات الناجمة عن المناخ والكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ. ففي الزراعة ، يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الحواجز القائمة أمام المساواة بين الجنسين التي تواجهها المزارعات. فعلى الصعيد العالمي ، تشكل النساء 43 % من القوى العاملة الزراعية وتلعب دوراً حاسماً في دعم الأمن الغذائي للأسر والمجتمعات المحلية. ومع ذلك ، وبسبب أطر السياسات التمييزية أو الأعراف الاجتماعية غير المنصفة ، فإن وصول المزارعات أقل من الرجال للحصول على حيازة الأراضي ، والمدخلات الزراعية ، والتمويل ، والمياه والطاقة ، والبنية التحتية المناسبة ، والتكنولوجيات ، والخدمات الإرشادية. ووفقاً لبعض التقديرات ، فإن سد الفجوة بين الجنسين في الوصول إلى الأراضي وغيرها من الأصول الإنتاجية يمكن أن يزيد المخرجات الزراعية بنسبة تصل إلى 20 % في أفريقيا. وسيمكن ذلك أيضاً المزارعات من اعتماد نهج زراعية مقاومة للمناخ بنفس معدل الرجال. وحيث أن المبادرات الرئيسية التي تعالج هذه الفجوات بين الجنسين مثل حيازة الأراضي المضمونة وزيادة الشمول المالي والحصول على المعلومات تعتبر ضرورية أيضاً لتسريع تبني الممارسات الزراعية المرنة للمناخ . ومن حيث الجوهر، فإن توفير فرص متساوية للوصول إلى المزارعين من النساء والرجال إلى الأراضي والموارد الإنتاجية الأخرى يمكن أن يوفر "عائداً ثلاثياً " للمساواة بين الجنسين ، والأمن الغذائي وإدارة المناخ ، مما يوفر نهجاً فعالاً من حيث التكلفة وتحويلا لتحقيق التنمية المستدامة.
إن تغير المناخ يعني أن هناك فرصة متناقصة لسد الفجوات بين الجنسين في الزراعة. ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الحواجز القائمة ، مما يحد من قدرة النساء المزارعات على الحصول على تمويل طويل الأجل وخدمات إرشاد زراعي ميسورة التكلفة ، وزيادة عبء عملهن على الرعاية غير المدفوعة الأجر ، حيث تصبح المياه والوقود شحيحين. تتعرض النساء المزارعات لخطر الوقوع في دوامة هبوطية في غياب الجهود المنسقة لسد هذه الفجوات بين الجنسين. ولذلك ، من أولويات تعزيز تمكين المرأة من خلال نهج الزراعة المرنة للمناخ مثل: خلق سياسات زراعية مرنة للمناخ؛ وزيادة أمن حيازة الأراضي للمرأة.
وتشير أحدث البيانات إلي أن 66 % من النساء علي مستوي العالم ينتجن 50 % من المواد الغذائية ، في حين يحصلن علي 10 % فقط من الدخل ، ويمتلكن 1 % من الممتلكات . وعلي الرغم من التقدم المحرز في قضية تمكين المرأة في السنوات الأخيرة ، تمثل النساء والفتيات ثلثي الآميين في العالم ، و6 من أصل 10 الأفقر علي مستوي العالم. ويرتفع معدل البطالة بين الإناث في المدن الريفية ليصل إلي 30 % ، مقارنة بنحو 25 % في المدن الحضرية، بينما يصل معدل البطالة بين الذكور إلي 8.8 % و7.9 % في الحضر والريف علي التوالي . كما لوحظ أن المرأة تقوم بإنفاق حصة أكبر مما ينفقه الرجل من الدخلالإضافي الذي قد يتوفر لها على تأمين الغذاء والصحة والملبس والتعليم لأطفالها. وبالتالي، فإن تعزيز قدرات المرأة الريفية وتمكينها ينعكسان على شكل تحسن في مستوى الرفاه عموماً لدى الأطفال والأسر والمجتمعات، وهذا بدوره يسهم في بناء رأس المال البشري للأجيال القادمة وفي النمو الاجتماعي والاقتصادي على المدى الطويل. وفي الوقت نفسه ، تشير التقارير إلي أهمية دور المرأة الريفية في مصر، حيث تمثل المرأة نسبة 49% من نسبة تعدد السكان في الريف ، ونصف الفقراء في المناطق الريفية هي المرأة الريفية، وجملة العمالة الزراعية في مصر عام 2016/2017 حوالي 6.5 مليون نسمة تمثل 25.6% من العمالة الكلية في مصر. ويبلغ عدد المرأة في العمالة الزراعية 2 مليون تمثل 31.7 % من جملة العمالة الزراعية و17.8% هي نسبة بطالة المرأة الريفية ، ومتوسط ملكية الأراضي الزراعية للإناث لا تتعدى 3% ، ونسبة الأمية بين الريفيات 63% ، وتبلغ نسبة النساء المعيلات الريفيات81%. ونتيجة لذلك ، فإن تمكين النساء والفتيات الريفيات لا يعتبر حاجة أساسية للتنمية الزراعية وحدها، بل أيضاً من أبرز مقومات التقدم الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة بشكل عام.

أ ش أ