• قث
    قث
  • لثشق
    لثشق
  • قثش
    قثش

هبه الحسيني...مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط
تشهد زيمبابوي اليوم السبت استفتاء شعبيا على مسودة دستور جديد في خطوة مهمة من شأنها أن تعطي دفعة للديمقراطية في البلاد وتمهد لإجراء انتخابات عامة في يوليو القادم لإنهاء ولاية الحكومة الائتلافية التي تشكلت قبل أربعة أعوام بين الرئيس روبرت موجابي ورئيس الوزراء مورجان تسفانجيراي. 
ومن المقرر أن يشارك في ذلك الاستفتاء أكثر من خمسة ملايين ناخب غير أن معظم المراقبين يرون أن إقرار ذلك الدستور الجديد يعد أمرا شبه محسوم بعد أن حظى بتأييد الحزبيين الرئيسيين في البلاد حزب "زانو بي اف" برئاسة الرئيس موجابي و حزب الحركة من أجل التغيير الديمقراطي برئاسة تسفانجيراي.
واستغرقت عملية كتابة مسودة الدستور، المؤلفة من 160 صفحة، ثلاثة أعوام وذلك بسبب الجدل المستمر بين معسكري موجابي وتسفانجيراي. ووافق البرلمان على المسودة في فبراير الماضي، وتكلفت عملية كتابتها ما يقرب من 50 مليون دولار.
ورغم تفاؤل البعض بخطوة المصادقة على هذا الدستور على اعتبار أنها ستحقق نقلة ديموقراطية للبلاد وتشكل نقطة انطلاق للمرحلة التالية وهي الانتخابات، إلا أن غالبية المراقبين يعتبرون أن تلك الخطوة غير كافية لإحداث تغييرا حقيقيا في البلاد ودفعها نحو طريق الديموقراطية المرجوة.
مع العلم أن ذلك الدستور الجديد يسعى بالأساس إلى الحد من الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية وتعزيز مؤسسات الدولة مثل مجلس الوزراء والبرلمان والقضاء إلا أنه لن يمنع الرئيس موجابي من الترشح مجددا لرئاسة البلاد، حيث يقترح تحديد مدة الولاية الرئاسية لتكون ولايتين فقط لكنه لم يضع حدا أقصى للسن القانوني وهو ما قد يسمح لموجابي، أكبر رئيس في العالم (88 عاما ) والذي يحكم البلاد منذ عام 1980، بالترشح مرة أخرى ولمدة ولايتين أي عشر سنوات.
كما أن ذلك الدستور الجديد لم يتضمن آليات من شأنها درء اندلاع أعمال عنف انتخابية كما حدث في الانتخابات السابقة أعوام 2002 و2005و2008.

تقاسم السلطة
ويعد المصادقة على هذا الدستور الجديد جزءا من بنود اتفاق تقاسم السلطة الذي توصل إليه كل من الرئيس موجابي ورئيس الوزراء تسفانجيراي في فبراير 2009 لإنهاء الأزمة السياسية التي أعقبت الانتخابات الرئاسية لعام 2008.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في أكثر من مناسبة أنها لن ترفع عقوباتها المفروضة على زيمبابوي منذ عام 2002 إلا في حالة انعقاد الانتخابات في يوليو القادم وسيرها بشكل جيد وعدم مصاحبتها بأعمال عنف. أما الاتحاد الأوروبي فقد رفع جزءا من العقوبات المفروضة على النظام في زيمبابوي كخطوة تشجيعية للإصلاحات الجارية هناك غير أنه لا يزال يعامل موجابي على أنه شخص غير مرغوب فيه.
وكان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة قد فرضا عقوبات ضد النظام الحاكم فى زيمبابوى عقب انتخابات عام 2002 التي شهدت العديد من أعمال العنف والترهيب. وتمثلت تلك العقوبات في المنع من السفر لبعض الشخصيات المسئولة في الدولة وبعض العقوبات المالية، إضافة إلى حظر إرسال سلاح وحظر العلاقات الدفاعية.
واعتبر كثير من المراقبين أن تلك العقوبات، وهي الأطول زمنيا، لم يكن لها التأثير المرجو على النظام الحاكم. فهي لم تغير من سلوك النظام المعروف بديكتاتوريته وفساده وسوء إدارته للبلاد. واتسمت السنوات الماضية بانخفاض مستوى الديمقراطية مع وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، بالإضافة إلى انهيار اقتصادي وتمركز عسكري فى المؤسسات السياسية.

 تفاؤل مشئوم
ورغم ظهور تفاؤل محدود بعد تشكيل حكومة الائتلاف الوطني في فبراير عام 2009 أملا في أنها ستحمل تغيرات إيجابية للبلاد، غير أن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية لازالت متردية. فالبلاد تعاني من ارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة، وتواجه اضطرابات خطيرة في ماليتها العامة، ونقصا حادا في السيولة حيث تعتبر الموارد المحصلة من الضرائب والعائدات في البلد في وضع هش، مع ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة ووجود بنية تحتية مدمرة. كما أن الواردات الغذائية ترتفع كثيرا بالمقارنة مع الصادرات وهو ما شكل خللا في الميزان التجاري.
إضافة لذلك تواجه البلاد خطر المجاعة حيث توقع برنامج الغذاء العالمي أن يصل عدد المتضررين في زيمبابوي خلال الفترة القادمة إلى 1.300 مليون جائع.
ومع ذلك يرى بعض المحللين أن الحكومة الائتلافية نجحت في تحقيق بعض الاستقرار الاقتصادي للبلد حيث تمكنت من إنهاء التضخم الشديد الذي كان متفاقما وذلك من خلال استخدام الدولار الأمريكي. كما نجحت الحكومة نسبيا في تحقيق استقرار أمني وإنهاء حالة العنف التي كانت سائدة عند بداية تشكيلها عام 2009.
وفي ضوء ذلك يبدي هذا الفريق تفاؤلا محدودا إزاء خطوة الاستفتاء على الدستور الجديد أملا في أن تؤدي هذه الخطوة إلى إحداث نقلة نوعية للبلاد على طريق الديموقراطية، مؤكدا في الوقت ذاته أن الرئيس موجابي لن يستسلم بسهولة وسيواصل كفاحه في سبيل الاحتفاظ بمقعد الرئاسة وهو ما قد ينذر بنشوب خلاف بينه وبين المعارضة في الانتخابات المقبلة على غرار ما حدث من قبل