• السفير حسام زكي الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية
    السفير حسام زكي الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية

أعرب السفير حسام زكي الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية، عن أمله في أن يتجاوز لبنان سريعا الأزمات والتحديات التي يمر بها، والمضي قدما على طريق استعادة الثقة في الاقتصاد والقطاع المصرفي، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب تشكيل الحكومة الجديدة للبلاد في وقت قريب.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية خلال مشاركته في افتتاح منتدى (مخاطر العقوبات والتعامل مع القضايا الحرجة في مكافحة غسل الأموال) الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب بالعاصمة اللبنانية بيروت.

وحذر السفير حسام زكي من أن التأخير في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، قد يؤدي إلى المزيد من التداعيات السلبية داخل لبنان والتي يتعين تجنبها، مشيرا إلى أن عملية بناء واستعادة الثقة تتطلب وقتا طويلا وجهدا كبيرا ولن تكون قصيرة أو هينة على نحو يستدعي الإسراع في التأليف الحكومي.

وأكد أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تُحتم على الدول العربية مزيدا من التعاون وتبادل الخبرات لتعزيز مكافحة الجريمة العابرة للحدود، وتطوير مؤسساتها الوطنية داخليا بحيث تتأقلم مع تطور الجريمة المالية، وتشكيل مجموعات عمل مشتركة تتعاون فيها سلطات الجمارك والشرطة والقضاء والمصارف والدبلوماسية لهذه الأغراض.

وأشار إلى أن المنطقة العربية تواجه تحديات جسام في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال، تتمثل في أن الفكر الإجرامي لغسل الأموال يتنامى ويتأقلم مع ما تتيحه العولمة وثورة المعلومات من سهولة في انتقال الأموال، وأن الشبكات الإجرامية تسعى إلى الاستفادة من كل ما تتيحه التكنولوجيا مثل العملة الافتراضية والتمويل التشاركي وتطبيقات التحويل الفوري، لتطوير نشاطها مستفيدة من الثغرات التي يتيحها أي نظام مالي قائم.

وقال إن بعض الدول العربية مرت بأزمات وجودية وشهدت أحداثا جسيمة خلال العقد المنصرم، عصفت بمقومات الدولة فاستولت مجموعات إرهابية على السلطة المحلية وأقامت تحالفات مع الشبكات الإجرامية العابرة للحدود لبيع كل ما يمكن بيعه من بشر وآثار ومخدرات ونفط، مؤكدا أن هذا الأمر يحتاج إلى حلول سياسية تنهي حالة الاحتراب وتعيد قوام الدولة من خلال خطط محكمة لإعادة بناء قدراتها على أسس سليمة.

ولفت إلى أن قوى عظمى في العالم أصبحت تتوسع في فرض معايير جديدة في قوانينها الداخلية، توجب على جميع الدول اتباعها في مجال مكافحة الإرهاب وغسل الأموال بما يتجاوز حدودها الجغرافية، بشكل يعتبره البعض مساسا بسيادة الدولة وأداة للضغط على الحكومات وعقابها، مشددا على وجوب التفكير في ما يتوجب فعله لضمان تجنيب الأنظمة المالية العربية الآثار الجانبية لتلك الممارسات.

من جانبه، قال رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، إن العقوبات الاقتصادية وما يستتبعها من تجميد للأصول وتحقيقات مالية وجنائية، أصبحت تستخدم كسيف مسلط وسلاح مدمر على دول العالم كله، تلجأ إليه الدول العظمى للدفاع عن مصالحها السياسية والاستراتيجية بديلا عن اللجوء إلى الحروب التقليدية، ويساعدها في ذلك إمساكها بالمفاصل الأساسية للاقتصاد العالم.

وأشار إلى أن العقوبات الاقتصادية تنتج مخاطر سمعة كبرى للدول بشكل عام، وللبنوك والمؤسسات المالية بشكل خاص، مؤكدا أن الحل يتطلب تشددا أكثر في الرقابة الداخلية والتوسع في المعلومات وآليات التنسيق والتعاون.

ولفت إلى أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على أحد البنوك اللبنانية (جمال ترست بنك) أدى إلى خروجه من السوق المصرفية، فضلا عن تداعيات العقوبات التي فرضتها مؤخرا على مسئولين كبار سابقين في الحكومة اللبنانية بادعاء تعاونهم مع حزب الله أو بتهم فساد.

واعتبر طربيه أن القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في شهر مارس الماضي بالتوقف عن سداد الديون الخارجية (سندات اليوروبوندز) كان أحد الأسباب الرئيسية للانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان وتراجع عملته الوطنية، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي اللبناني يمارس عمله ضمن بيئة سياسية واقتصادية وقانونية صعبة.

من جهته، قال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، إن التوقف عن سداد سندات اليوروبوندز تسبب في انهيار المنظومة الاقتصادية اللبنانية والتدهور السريع في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وتزايد الضغوط على ميزان المدفوعات.

وأكد أن الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، لم تمنع اتحاد المصارف العربية من الاستمرار في عمله، مشيرا إلى أن الاتحاد كثّف الدراسات والأبحاث وتجميع البيانات المصرفية والقانونية العربية على مدى 10 سنوات، والتي بلغت أكثر من 54 ألف مادة قانونية ضمن الموسوعة القانونية والتشريعات المصرفية العربية، إلى جانب أكثر من 224 دراسة بحثية تتعلق بالقطاعات المصرفية العربية.

من ناحيته، ذكر الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان المركزي عبد الحفيظ منصور، أن مسألة العقوبات الدولية أصبحت من الأمور بالغة الأثر على أعمال وآليات عمل المؤسسات المصرفية، وأن تأثيرها أصبح يمتد إلى العديد من المؤسسات الخاصة الأخرى.

وقال: "العقوبات الاقتصادية ازداد تطبيقها خلال هذا العقد، وأصبحت بديلا عن المعارك العسكرية المكلفة وغير مضمونة العواقب، وإحدى الأدوات الأساسية لسياسات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وهي البلد الأكثر غزارة في إصدار قوانين وفرض العقوبات الدولية".

من جانبه، أكد النائب ياسين جابر عضو لجنة المال والموازنة بمجلس النواب اللبناني، أن العقوبات تمثل "سلاحا فتاكا" يدمر مستقبل أفراد وكيانات ويُخضع العديد من الدول، مشيرا إلى أن هذه السياسة جرى التوسع في استخدامها في السنوات الأخيرة.

وأضاف أن سلاح العقوبات أكثر قساوة وفعالية من الحروب التقليدية. مضيفا: "نحن من جانبنا قمنا في مجلس النواب بمواكبة العقوبات الدولية من خلال التشريعات التي أصدرها البرلمان لا سيما في ما يتعلق بمكافحة جريمة غسل الأموال، وسنستمر في المجلس النيابي بالعمل على إيجاد تشريعات جديدة".

وأشار إلى أن البرلمان اللبناني أصدر هذا العام مجموعة من التشريعات المهمة، مثل إصدار قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعديلات قانون الإثراء غير المشروع، إلى جانب العمل على إصدار قانون جديد للمشتريات العمومية لمؤسسات الدولة.