• ص
    ص
  • بصس
    بصس
  • صس
    صس
  • بؤصس
    بؤصس

مراسلة باريس :
 أثار تمثال لعالم المصريات الفرنسي الشهير شامبليون واضعا قدمه على رأس شخص فرعوني، المتواجد في ساحة كلية "كوليج دو فرانس" بباريس استياء قطاع عريض من الشعب المصري خلال الفترة الأخيرة، ما دفع الدبلوماسية المصرية بفرنسا إلى التدخل لنقل الغضب الشعبي إلى السلطات بباريس.
فالتمثال غير المشهور الذي لم يلتفت احد إليه من قبل على الرغم من العدد الكبير من المصريين الذين درسوا بالكلية الفرنسية أو على الاقل قاموا بزيارتها، يعتبره المصريون "إساءة للحضارة المصرية"، واكتشفه عن طريق المصادفة الفنان المصرى المقيم فى فرنسا هشام جاد، موسيقى ومسرحى ودارس للفنون التشكيلية، لدى مروره بجانب "كوليج دو فرانس".
 وللكشف عن كافة الجوانب..قامت مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس بطرح السؤال على مفجر الموضوع "هشام جاد" الذى قال ان التمثال، موضع "الاستياء" جذبه كونه فنان تشكيلى فاقترب منه ليكتشف "المصيبة" على حد قوله قبل أن يقوم بتصويره ونشره على حسابه على موقع "يوتيوب" ليراه الجميع..كما خاطب وزراء الثقافة والخارجية فى مصر وفرنسا عبر حسابهم الخاص على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"..والرئيس محمد مرسى والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند أيضا.
 وأضاف هشام جاد انه قام بالاتصال بمسئولى السفارة المصرية بالعاصمة الفرنسية الذين قاموا بالفعل بمتابعة الملف..مشيرا إلى انه يجرى اتصالات بهيئات التنقيب فى فرنسا للتعبير عن استياء المصريين من هذا التمثال "المهين".
وأعتبر جاد - الذى يقيم بفرنسا منذ 24 عاما- أن "شامبليون" نفسه لا علاقة له بهذا التمثال الذى قام بنحته ، 32 عاما بعد وفاة شاملبيون، الفنان "بارتولودى" الذى قدم أيضا تمثال الحرية الشهير القابع فى الولايات المتحدة والذى أصبح رمزا لأكبر قوة فى العالم..معتبرا أن تمثال شامبليون الذى وضع فى ساحة "كوليج دو فرانس" فى عام 1867 "إهانة لأجدادنا الفراعنة".
 وتساءل هشام جاد "كيف تتم إهانة الحضارة المصرية بهذه الطريقة التى أرى انها ضد البشرية والانسانية وضد شامبليون نفسه هذا العالم الشهير"..موضحا انه يتم البحث الان عن كيفية إزالة هذه الاهانة بالشكل الثقافى المتحضر حيث أن هناك بعض الناشطين المصريين الذين عرضوا تنظيم مظاهرات أو تكسير التمثال "إلا اننى أرى انه لا بد وأن تحل المشكلة دبلوماسيا وثقافيا".
    وقال هشام جاد إن التمثال المذكور نحت "أيام فرنسا العظمى" أما اليوم "فهل فرنسا 2013 التى تطرح نفسها مدافعا عن حقوق الإنسان" تقبل بوجوده؟! ..مقترحا أن يتم إزالة التمثال من "كوليج دو فرانس" ونقله إلى منزل "بارتولودى" الذى تحول إلى متحف بمدينة تولوز على أن يتم وضعه فى مخزن دون عرضه على الجمهور.
    وأضاف أن هذا الاقتراح لا يمثل سابقه، ففرنسا نفسها قامت بالتخلص من كافة التماثيل التى ترمز إلى الحقبة النازية إيمانا منها بانها تعيب الحضارة الفرنسية وانها جزء من التاريخ الاستعمارى..معتبرا أن تمثال "شامبليون" المذكور يسيىء لفرنسا ذاتها.
    وأكد الفنان المصرى أن غالبية الفرنسيين مصدومين من وجود هذا التمثال الذى يهين الحضارة المصرية.

احترام حرية الإبداع
    وفى المقابل..قال مصدر بالسفارة المصرية بباريس -في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن المسألة ذات شقين الأول يقوم على ضرورة ابداء الاحترام المستحق بين الدول، والآخر يرتكز على إحترام حرية الابداع لانه لابد من مراعاتها من كافة الدول.
    وأضاف المصدر أن السفارة قامت خلال الفترة القليلة الماضية وبعد اثارة مسألة التمثال بالاتصالات اللازمة مع المسئولين بوزارت الخارجية والثقافة والتعليم فى فرنسا حيث تم إبلاغهم بإستياء بعض القطاعات المتزايدة من الرأى العام المصرى فى الداخل وفى فرنسا من شكل التمثال، وإن كان من المتفهم حرص مصر وفرنسا على حرية الإبداع وإدراكنا لإنه تمثال "سخيف" على حد تعبير مسئول السفارة.
    وأوضح المصدر الدبلوماسى المصرى أنه لايعرف أحد بوجود هذا التمثال، فالغالبية العظمى من الفرنسيين والمصريين فى فرنسا لا يعلمون بوجوده إذ انه ينتمى إلى الحقبة الاستعمارية التى حققت فيها فرنسا قدر كبير من الاكتشافات العلمية وقامت بفك شفرات الحضارات القديمة ومن بينها المصرية إلا أن تمثال شامبليون قد يكون مناسبا فى إطار ما يكتسبه هذا الموضوع من إهتمام لدى الرأى العام المصري.
     وأشار المصدر إلى انه قد يكون من المناسب قيام الجانب الفرنسى فى التفكير فى طريقة لمحو اللبس وسوء الفهم الناجم عن هذا التمثال الذى لا قيمة له ربما من خلال تغيير مكانه ووضعه فى أحد المخازن (الأثرية) التى لا يطلع عليها الجمهور وخاصة وانه لايتسم بقيمة فنية ذات بال، و أن التمثال لا يعبر عن ولع الفرنسيين بالحضارة المصرية وبالمواطنين المصريين بشكل عام لاسيما وانه كون المواطن مصريا يفتح له العديد من الأبواب فى فرنسا وأن "شامبيلون" نفسه ليس مسئولا عن التمثال لانه أقيم بعد وفاته بنحو 32 عاما.

ردود أفعال فرنسية
  وعلى المستوى الرسمي الفرنسي لا توجد ردود أفعال حتى الآن عن مسألة التمثال ولكن بعض وسائل الفرنسية والمدونات على شبكة الانترنت تتناول الأمر بشكل آخر يوحى بأن الإسلاميين بعد وصولهم إلى الحكم فى مصر يقفون وراء تلك الحملة حيث كتبت أسبوعية "لو نوفيل أوبسرفاتور" فى عددها الصادر هذا الأسبوع وتحت عنوان "شامبليون جلاد الفراعنة" أن وزارة الآثار المصرية تستعد لمخاطبة وزارة الثقافة الفرنسية من أجل إزالة تمثال عالم المصريات الشهير شامبليون الذى يضع قدمه اليسرى على رأس أحد الفراعنة والموجود فى ساحة "كوليج دو فرانس" والذى قام بنحته فى عام 1875 الفنان العالمى الشهير بارتولدى.
   وأوضحت المجلة الأسبوعية أن تمثال شامبليون تسبب فجأة في موجة من الغضب في مصر واعتبره اتحاد شباب الثورة "إهانة للحضارة المصرية، ورمزا للغطرسة الاستعمارية الغربية"، سرعان ما انضمت إلى الغضب حركة "6 ابريل"، وأن الأمر أخذ محمل الجد فى القاهرة حيث يطالب الغاضبون وزارة الآثار باتخاذ الموقف المناسب وأن وزير الدولة لشئون الآثار محمد على إبراهيم، الحاصل على درجة الدكتوراه فى علم المصريات من جامعة ليون 2 الفرنسية، اعتبر أن "مثل هذا التمثال يهدد العلاقات الثقافية التى تربط البلدين".
    أما قناة "تى فى 5" الفرنسية فقد تناولت المسألة من ناحية أخرى حيث أشارت - فى تقرير لها - إلى أن مصر تعتبر تمثال عالم المصريات الفرنسي الشهير شامبليون الذى يضع قدمه على رأس أحد الفراعنه والمنحوت من الرخام "إهانة" للحضارة المصرية وانه على الرغم من ان عمره  138 سنة إلا أن القاهرة تريد "الآن" إزالته .
   وتبقى مسألة تمثال شامبيلون زوبعة فى فنجان لاسيما وأن الحضارة المصرية العريقة لن يتم تقييمها بمجرد تمثال فى أحد الأركان المظلمة فى عاصمة النور باريس رمز الثقافة والمعرفة والتى تحتضن كافة الحضارات على أرضها خاصة مع وجود "المسلة المصرية" فى قلب العاصمة الفرنسية فى أحد أكبر وأشهر ميادينها وهو ميدان "الكونكورد" الذى يظل قبلة للسائحين من مختلف الجنسيات.
    فالمسلة المصرية الضخمة القابعة فى قلب باريس والتى أهدتها مصر إلى فرنسا منذ عصور طويلة (عام 1863) بسبب جهود العلماء الفرنسوين مثل شامبليون و مارييت الذين كان لهم فضل كبير فى إكتشاف الحضارة المصريه القديمه، تبقى كإعتراف بفضل مصر على تطور الحضارة الإنسانية  ورمزا للعلاقات الثقافية التى تربط بين البلدين.
    وإعتراف فرنسا بأهمية الحضارة المصرية القديمة لا تعكسه فقط المسلة الضخمة ولكن يطل أيضا من خلال المعروضات من الاثار المصرية المتواجدة فى المتاحف الأكبر والأشهر فى فرنسا ولاسيما متحف اللوفر الذى يوجد فى قلبه مجسما ضخما زجاجيا للهرم المصرى القديم وأيضا من خلال عرض الأسطورة المصرية القديمة عبر القسم المصرى فى المتحف والذى يحتضن الأعمال الفنية والأثرية والمومياوات التى تعكس عظمة حضارتنا لتجذب آلاف بل وملايين السائحين من مختلف الجنسيات من رواد المتحف الأشهر فى العالم.