• سامح شكري وزير الخارجية يلقي كلمة مصرأمام جلسة مجلس الأمن الوزارية حول الوضع في قطاع غزة اليوم /الأربعاء/ في نيويورك
    سامح شكري وزير الخارجية يلقي كلمة مصرأمام جلسة مجلس الأمن الوزارية حول الوضع في قطاع غزة اليوم /الأربعاء/ في نيويورك

جددت مصر أمام مجلس الأمن، تأكيد رفضها الكامل لأية نوايا أو خطط أو محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال نقل الشعب الفلسطيني من أرضه المحتلة منذ عام 1967.
جاء ذلك في كلمة مصر التي ألقاها السيد سامح شكري وزير الخارجية أمام جلسة مجلس الأمن الوزارية حول الوضع في قطاع غزة اليوم /الأربعاء/ في نيويورك.
وحذرت مصر من تأثير هذا التوجه على السلام في المنطقة بأسرها، ودعت المجتمع الدولي للوقوف بقوة أمام جميع الممارسات التي قد تؤدي الي ذلك.
وقال وزير الخارجية -في كلمته أمام مجلس الأمن- إن مصر منذ بداية هذا الصراع في 7 أكتوبر الماضى، أكدت على أعلى مستوى إدانة استهداف المدنيين من أي جانب إدانة مطلقة غير مشروطة، ومع ذلك فقد وصل التدمير الذي يشهده قطاع غزة، حداً غير مسبوق، حيث بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين ما يزيد عن 15 ألفا؛ منهم ستة آلاف طفل وأربعة آلاف امرأة.
وأضاف أنه تم تدمير أكثر من نصف المساكن بالقطاع، واستهداف المنظومة الصحية بالكامل، وبلغت أعداد النازحين حوالي ثلثي سكان القطاع، ويتزامن كل ذلك مع استمرار حالة الحصار والتجويع وغلق المعابر الإسرائيلية وتعطيل النفاذ الإنساني.
وتابع "انتهاكات جسيمة وواضحة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني.. مأساة إنسانية بكل معاني الكلمة، لا يمكن تبريرها تحت اي ذريعة… وعلي الرغم من ذلك، لازلنا نفاجأ بأن دولاً، نصبت نفسها مدافعةً عن الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، تمتنع عن توصيف ذلك بأنه مخالفة للقانون الدولي الانساني، وتكتفي بالمطالبة بأن يتم احترام هذا القانون، رغم عدم الاكتراث بنداءاتها".
وشدد وزير الخارجية على أنه لا يمكن ان ينطبق مفهوم "الدفاع عن النفس" على المخالفات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، متسائلًا "أي دفاع عن النفس هذا الذي يسمح لقوة احتلال بقمع وتدمير حياة الشعب الذي تحتله؟!.. ووفقاً لأية قوانين دولية تتم شرعية الدفاع عن النفس في مواجهة شعب يطالب القانون الدولي دولة الاحتلال باحترام آدميته واحتياجاته الأساسية".
وأوضح أنه رغم تحذيراتنا وتحذيرات دول العالم أجمع من مخاطر استهداف المدنيين في قطاع غزة، فإن النهج الإسرائيلي على مدار أكثر من خمسين يوماً، لا يمكن تفسيره إلا بكونه سياسة متعمدة لجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة، من خلال استهداف المنشآت المدنية والطبية والمساكن، ودفع سكان الشمال الي النزوح جنوباً في قطاع يعاني بالأساس من كثافة سكانية عالية ومن حصار قاس منذ سنوات.
وقال الوزير إن سياسة التهجير القسري والنقل الجماعي التي رفضها العالم ويعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي، ما تزال هدفاً لإسرائيل، ليس فقط من خلال التصريحات والدعوات التي صدرت عن مسؤولين إسرائيليين، وإنما من خلال خلق واقع مرير علي الأرض يستهدف طرد سكان غزة الفلسطينيين من أرضهم، وتصفية قضيتهم من خلال عزل الشعب عن أرضه والاستحواذ عليها، يحدث ذلك دون ان ينهض المجتمع الدولي للحيلولة دونه، وكما تقاعس في السابق مراراً وتكراراً عن مواجهة الضم والهدم والاستيطان والقتل خارج القانون، ممارسات غير شرعية سكت عنها المجتمع الدولي، فتم تكريسها وتمادت وأمعنت فيها دولة الاحتلال.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري -في كلمة مصر أمام مجلس الأمن- أن ما يحدث في غزة أمام أعين العالم، يقابله في الضفة الغربية سياسة شبيهة طاردة لسكانها من أبناء الشعب الفلسطيني، سواء من خلال إطلاق العنان لعنف المستوطنين، أو من خلال عمليات الهدم والطرد والاقتحامات العسكرية لمدن الضفة، فضلاً عن التهام الأرض من خلال عمليات استيطان ممنهجة تكرس الاحتلال غير الشرعي.
وقال وزير الخارجية "اليوم الحالي أم اليوم التالي؟ جدل يتزايد الحديث فيه رغم أن الإجابة واضحة استناداً للمنطق السليم وللشرعية الدولية، وهي ضرورة وقف تلك الحرب اللعينة، وحفظ الأرواح، وحماية المدنيين من ويلاتها، قبل أن نفكر في ملامح اليوم التالي".
وأضاف أن مصر تعمل حالياً على تفعيل قرار مجلس الأمن بشأن الهدن الإنسانية، ونجحت بالتعاون مع الشقيقة قطر ومع الولايات المتحدة في تفعيل صفقة تبادل سجناء ورهائن تتضمن أيضاً نفاذاً للمساعدات لغزة جنوباً وشمالاً.
وتابع أن مصر ستستمر في جهودها لإطالة زمن الهدنة والعمل على التوصل لوقف لإطلاق النار، ووقف الحرب والدمار.. داعيا مجلس الأمن لدعم تلك الجهود ولدعم جهود محاسبة المسئولين عن الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين، أيا كانوا.
وأكد الوزير أن مصر طالبت منذ اليوم الأول بضرورة إطلاق سراح الرهائن المدنيين، وأدانت أي تعرض للأبرياء، وقال "لكننا نتساءل عن موقف المجتمع الدولي ومجلسكم الموقر إزاء السجناء الفلسطينيين من الأطفال والنساء الذين عانوا لسنوات الحبس في ظروف قاسية دون توجيه اتهامات او الخضوع لمحاكمة… أليس هؤلاء أيضاً رهائن لدي دولة الاحتلال؟!".
وأوضح أن مصر تعمل كذلك بالتوازي مع شركائها باللجنة التي تم تشكيلها خلال القمة العربية الإسلامية التي عقدت بالرياض، من أجل النفاذ الإنساني لقطاع غزة.
وقال "وقمنا في هذا الصدد بتقديم مشروع قرار لمجلسكم الموقر للنظر فيه، وهو مشروع غير مسيس يركز فقط علي الجانب الإنساني وعلى إنقاذ اثنين ونصف مليون برئ هم أهل غزة، وندعوكم للتعاطي معه بالإيجابية والمسئولية التي ترتقي للمأساة الإنسانية غير المسبوقة، وبما يؤدي لزيادة ملموسة لحجم المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة".
وأضاف وزير الخارجية أن ما تم توفيره حتى الآن والذي أسهمت مصر بـ70 % منه منفردة، لا يكفي لاحتياجات مليونين ونصف المليون فلسطيني.
وتابع شكري "وندعوكم ايضاً لتفادي ازدواجية المعايير، وان تتم ترجمة تصريحاتكم المتعاطفة مع اهل غزة الي واقع، بل ونري أن أي محاولة لتعطيل مشروع القرار هو بمثابة مباركة للحصار وتجويع الأطفال والنساء وتركهم بلا مأوي او حد ادني من الرعاية الصحية في ظروف في منتهي القسوة مع دخول فصل الشتاء".
وقال "أما عن اليوم التالي، ورغم ان ملامحه لم تتضح بعد نظراً للغموض المتزايد لأهداف الحرب الحالية إلا أننا لا نري بديلاً عن العمل على معالجة جذور الصراع والمسببات الحقيقية للمآسي التي نشهدها اليوم".
وشدد على أن معالجة القضية الفلسطينية بشكل كامل يفضي إلى إنهاء الاحتلال، وقال إن بدون ذلك، فإن نتائج جهودنا جميعاً ستظل مؤقتة، وستتكرر جولات العنف، ولن يتحقق الامن والاستقرار الذي تنشده المنطقة بما في ذلك إسرائيل ذاتها.
وقال شكري "يجب أن نتفق جميعاً أن عهد اللغو بلا طائل يجب أن ينتهي، وعلينا التكاتف من أجل إنفاذ الحل الوحيد المتفق عليه دولياً، وهو حل الدولتين، إنفاذه وإنقاذه وليس فقط دعمه بالتصريحات، وأن يتواكب مع ذلك اعتراف من لم يفعل من الدول الاعضاء بالأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية".
ودعا شكري مجلس الأمن لقبول عضوية دولة فلسطين الكاملة للأمم المتحدة "فهو أمر من صميم صلاحيات مجلسكم وفقاً لميثاق الأمم المتحدة".
وقال "أتوجه لجميع الأطراف المهتمة باليوم التالي… نعم لقد حان الوقت للعمل الجاد، ونحن على استعداد للتعاون مع الجميع بلا استثناء لصياغة الإطار السياسي والخطوات اللازمة لإنهاء المرحلة الانتقالية التي بدأت مع أوسلو، والبدء في تنفيذ حل الدولتين من خلال تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة المتواصلة الأراضي على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وتابع شكري "هذا هو اليوم التالي الذي يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه، ويوفر للشعب الاسرائيلي الأمان، ويتيح لكافة شعوب المنطقة الأمن والاستقرار والتعايش المشترك والتعاون من أجل التنمية والازدهار، وبما يتسق مع قيمنا الإنسانية المشتركة".
كان شكرى قد استهل الكلمة بتوجيه الشكر لجمهورية الصين الشعبية، الرئيس الحالي لمجلس الأمن، على جهودها الحثيثة لقيادة المجلس في هذا الظرف الدقيق، ولمواقفها الداعمة لوقف الحرب الجارية على الارض الفلسطينية.