• بـ
    بـ"الأرز الحامض وشاي بالنعناع".. ديوان "معان" يحتفل بعيد الفطر المبارك في الأردن
  • بـ
    بـ"الأرز الحامض وشاي بالنعناع".. ديوان "معان" يحتفل بعيد الفطر المبارك في الأردن

عمان في 23 أبريل/أ ش أ/ كتب..خالد العيسوي
المواسم والأعياد منبع إظهار الموروث الشعبي والثقافي لدى الشعوب العربية للتعبير عن عاداتها وتقاليدها وهويتها وحضارتها ومكوناتها أمام نظرائها من الشعوب الأخرى في ظل التعدد والاختلاف الكوني.
محافظة "معان" والتي تعد أكبر محافظات الأردن مساحة ويتراوح عدد سكانها حوالي 180 ألف نسمة يقسمون إلى قسمين بدو وحضر وتقع في الجنوب من المملكة الأردنية الهاشمية وتبعد حوالي 216 كيلومترا جنوب العاصمة عمان، لها طابع خاص وموروث شعبي وثقافي لاستقبال عيد الفطر المبارك وكذلك عيد الأضحى.
يحرص عشائر وأهالي محافظة "معان" على الاحتفال بالعيد وسط الأهل والأقارب والأصدقاء في ديوان العائلة سواء كان داخل المحافظة ذاتها أو خارجها في الدواوين المنتشرة في مناطق المملكة وخصوصا العاصمة عمان .
داخل ديوان "معان" بالعاصمة عمان، وخلال ثاني أيام عيد الفطر المبارك، يحتشد المعانيون من سكان عمان وضواحيها للمشاركة في الاحتفال بعيد الفطر المبارك وسط حضور مشايخ العشائر وكبار شخصيات المحافظة والمسئولين من معان أيضا .
وبدعوة مباركة من شيوخ عشائر معان للأهالي والمقيمين من أبناء المحافظة بعمان، احتفل ديوان "معان" بالعاصمة بعيد الفطر المبارك بحضور نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان ولفيف من المسئولين الحاليين والسابقين من أبناء "معان" وشباب وأطفال من مختلف عشائر وعائلات المدينة الواقعة جنوب الأردن.
قبل حلول عيد الفطر المبارك، أرسل ديوان "معان" بعمان دعوات إلى أهالي المحافظة بالعاصمة وضواحي، بأن ثاني أيام العيد سيكون احتفال الديوان وعلى الجميع الحضور من أجل تقديم التهنئة والاحتفال سويا، فيما بدأت إدارة الديوان في تجهيز مراسم الاحتفال من المأكولات الموروثة والشعبية والتي تعد ماركة مسجلة لدى محافظة "معان".
وعند دخولك مقر الديوان تجد من يمثل الإدارة في الاستقبال، وتقديم الشيكولاتة التي تعد أيضا من أولويات مائدة عيد الفطر المبارك وتقدم للضيوف خلال هذه الأيام، فيما تقدم الإدارة التهنئة للحضور بعيد الفطر المبارك والحديث عن أهم أولويات وقرارات الديوان خلال المرحلة القادمة ومن ثم بدء مراسم الاحتفال.
وما أن يعلن عن بدء الاحتفال، يدعو رئيس الديوان أو من ينوب عنه الضيوف بالتوجه نحو المائدة وهناك تجد نفسك أمام أبرز المأكولات الشعبية الموروثة لدى أبناء محافظة "معان" وهنا تكون أمام أم " الأرز (الرز) الحامض" أو طبق "المجللة" وهما عنصران يؤكدان أنك في محافظة "معان" في عيد الفطر المبارك، وبالأمس كان ديوان "معان" بعمان على موعد لهذا الاحتفال.
"الأرز الحامض" يجهز من خلال نقع الأرز بماء أعلى من مستوى الفتورة بقليل لمدة ربع ساعة ثم يوضع في لبن المريس "الجميد" المغلي المعد مسبقا ويترك على نار متوسطة ومتابعته إلى مرحلة النضوج ثم بعد ذلك يقطع البصل شرائح ويحمص بالسمن البلدي، ثم يسكب الأرز في وعاء مسطح يطلق عليه "سدر" معدني ثم ترش شرائح البصل المحمرة عليه ويضاف السمن البلدي بالملعقة على سطح الأرز، على أن يضع معه كوب من الشاي بالنعناع البلدي، فيما يفضل عدم وضع أي سلطات أو مخللات مع الحرص أيضا أن يأكل باليد وليس بأدوات أخرى ووقوفا وليس جلوسا.
ممثل إدارة ديوان "معان" النائب السابق خالد زاهر الفناطسة، قال إن هذه عادة سنوية في عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى وتكون ثاني أيام العيد وليس أول يوم الذي يترك للأهالي لزيارة موتهم كعادة أيضا موروثة في الأردن.
وأضاف الفناطسة، في تصريح لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان خلال حضور الاحتفال بعيد الفطر المبارك بديوان "معان"، أن الغرض من هذا الحشد هو تقديم التهنئة للجميع والاطمئنان على بعضنا البعض ونوع من تواصل الأرحام والزيارات في مثل هذه الأيام المباركة من عيد الفطر.
وأوضح أن هذا الديوان هو لجميع أهالي محافظة معان في كافة مناطق الأردن، مشيرا إلى أن الأصدقاء من المحافظات والعشائر الأخرى مرحب بهم أيضا في مثل هذه الأيام.
ولفت إلى أن هذا التجمع هو موروث من الأجداد من أجل الحرص على تواصل العشائر والعمل معنا من أجل السلام والأمن والاستقرار ليس فقط على مستوى محافظة معان ولكن على التراب الأراضي كافة ويعد أيضا نوع من تعاليم الدين الإسلامي وسنة الرسول "صلى"، مقدما التهنئة للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والعائلة الهاشمية.
وخلال جولة لـ/أ ش أ/، بين الحشد الحضور، وجدنا نوع من الالتزام بالحضور والإصرار على مصاحبة الأبناء الصغار والشباب من أجل ترسيخ هذه العادة في وجدانهم ليتوارثوها ويقومون بها في المستقبل بعيدا عن محاولات الحداثة والتطور، باعتبار ذلك تاريخ وموروث وثقافة لدى المحافظة ويجب الحفاظ عليه إلى يوم الدين بحسب قولهم.
وتميزت محافظة "معان" ومنذ زمن بعدد من الأطباق المشهورة والتي لا تمر المناسبات دون وجودها على موائد الطعام، كأيام العيد وحفلات التخرج والنجاح في الثانوية العامة ومناسبات الزفاف وغيرها.
وطبق "المجللة" فيحضر أولا ما يطلق عليه "قرص النار" وهو خبز خاص بالطبق يجهز في البداية ويتم طبخ البندورة "الطماطم" ومن ثم يفت الخبز في وعاء ويخلط مع عصير البندورة الساخن، وتضاف له كذلك السمنة البلدية.
ومحافظة "معان" التي تعد الأقدم تاريخيا، شهدت أراضيها العديد من الأحداث والمواقف التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالعروبة والإسلام فقد كان فروة بن عمرو الجذامي أمير معان أول من أسلم واستشهد من أهل الشام وشهدت منطقة أذرح التحكيم بين أبي موسى الأشعري مندوب علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص مندوب معاوية بن أبي سفيان.
وتشرفت أرض المحافظة بمرور عدد من النبيين والصحابة المجاهدين في قتالهم ضد الشرك والبغي والعدوان واستمرت الأحداث تتوالى حتى انبلج فجر التاسع من شعبان عام 1334هـ، الموافق العاشر من يونيو 1916، يوم أطلق الشريف الحسين بن علي الرصاصة الأولى في وجه القهر والظلم والاستبداد إيذانا ببدء الثورة العربية الكبرى التي كان لفرسان المحافظة وأهلها دور مشرف وفعال في جميع مراحلها وساحاتها وصباح يوم الحادي عشر من ربيع الأول عام 1339هـ، الموافق للحادي والعشرين من نوفمبر 1920، كانت المحافظة وأهلها والأردنيون جميعهم في استقبال الأمير عبد الله بن الحسين ولتكون الانطلاقة وبداية البداية في بناء الوطن الأردني المتحضر النموذج حيث اتخذه مقراً له في معان وأسماه (مقر الدفاع الوطني) وصدرت أول صحيفة آنذاك تحت اسم (الحق يعلو).
وبـ"معان" العديد من المناطق التاريخية والأثرية ومنها قلعة معان "السرايا" من آثار الدولة العثمانية الباقية حتى الآن وبركة الحمام وقصر الملك عبد الله والقناطر وقصر البنت وبساتين معان الحجازية والشامية.
س.ع
/أ ش أ/