القاهرة فى 25 مارس /أ ش ا/ أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أن على الحكومة والقطاع الخاص السعي معاً لضبط الأسواق في أسرع وقت، وأن يتم البدء في متابعة حركة السوق ومدى انخفاض الأسعار بين 15 و20% خلال الفترة الحالية، والوصول إلى 30% بعد العيد، مشيرا إلى أنه سيتابع ذلك بنفسه وبصورة دورية.
جاء ذلك خلال اللقاء الموسع الذي عقده رئيس الوزراء، اليوم /الاثنين/ بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة تنفيذ لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للإعلان عن مبادرة لخفض الأسعار مع كبار مُصنعي ومُنتجي ومُوردي السلع الغذائية، مثل: (السُكر، والحُبوب، والأرز، والقمح، والطحين، والمكرونة، والشاي، والألبان، والجُبن، والسَمن، والزُبد، واللحُوم، والزُيوت)، وكذا السلع الهندسية والإلكترونيات، وممثلي كبريات السلاسل التجارية (يمثلون أكثر من 70% من حجم السوق).
وقال مدبولى "تحدثنا كثيراً عن اتجاه الدولة نحو تمكين القطاع الخاص بصورة أكبر لكي يقود مختلف قطاعات الاقتصاد المصري، فالجميع لديه هدف واحد وهو خدمة المواطن المصري، وقد حرصت الحكومة في ظل الأزمة غير المسبوقة التي مرت بها الدولة، على مُساندة القطاع الخاص والسلاسل التجارية، مع إيمان واقتناع كامل بآليات السوق الحر وتقديراً للظروف التي مر بها هذا القطاعط.
وأضاف: "أن التحدي الكبير الذي طالما كان مطروحاً خلال اللقاءات المًستمرة مع المنتجين والتجار؛ كان يتمثل في إشكالية توفير مُستلزمات الإنتاج والمواد الخام وعدم توافر العملة الصعبة وتذبذب سعر الدولار، وهو الأمر الذي تم حله نتيجة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة".
ونوه بأنه في ضوء الخطوات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي، فإن الأزمة أصبحت غير قائمة، وهو ما يظهر في توافر الدولار خلال الأيام الماضية، وكذا بسعر أقل كثيراً من السوق الموازية، لافتا إلى أن المواطنين استقبلوا عدداً من الأخبار التي قامت بها الدولة خلال الفترة الأخيرة، والمُتمثلة في إتمام صفقة مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشماليّ الغربيّ والاتفاق الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدوليّ، فضلاً عن تفعيل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وأدركوا توافر حجم كبير من العملة الأجنبية، لكن يظل المواطن لديه استفسار عن أثر ذلك على تراجع أسعار السلع والمُنتجات بالأسواق.
وفي هذا السياق، أشار مدبولي إلى المبادرة التي تقدم بها عددٌ من الصناع والتجار قبيل حلول شهر رمضان الكريم، وكذا في أثناء افتتاح معرض "أهلاً رمضان"، والتي تتضمن خفض الأسعار بنسبة 20%، إلا أنه مع ذلك لايزال المواطن يعاني من الغلاء ويشكو من استمرار ارتفاع أسعار بعض السلع مؤخراً رغم تراجع سعر صرف الدولار بنسبة 50 أو 40% من القيمة السابقة للتسعير عليها عبر السوق الموازية.
كما أشار إلى ما ذكره رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية في وقت سابق من أن هناك دورة للأسعار تمتد ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وفور انتهائها ستتراجع الأسعار تلقائياً، مؤكداً أنه يجب العمل على خفض الأسعار بنسبٍ ملموسة حتى يشعر بها المواطن، وحتى توازي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتوفير العملة الأجنبية.
وأوضح أن التضخم غير المسبوق كان بسبب السلع الرئيسية، ونتيجة لذلك اضطر البنك المركزي لرفع الفائدة 8 نقاط أساس كإجراء اضطراري لوقف التضخم، مشددا على أن السبيل الأوحد للخروج من دائرة التضخم هو خفض أسعار السلع الرئيسية بما يتناسب مع قيمة انخفاض الدولار عن السوق الموازية، مؤكد أن هذا الحل هو دور تشاركي بين الحكومة والتجار هدفه الوقوف مع المواطن الذي تحمل الكثير خلال الفترة الماضية، ومن ثم يجب ضبط الأسواق.
واستطرد: أنه "وفقاً للأرقام التي تم عرضها من خلال وزارة المالية فيما يخص البضائع في الموانئ؛ فقد كنا نواجه دائماً مشكلة البضائع المتراكمة في الموانئ وعدم خروجها لعدم توافر الدولار، واليوم تمكنت الحكومة بالتعاون مع الجهاز المصرفي من إنهاء اجراءات بضائع بقيمة تزيد على 4,5 مليار دولار، ولم يتبقَ حالياً بضائع متراكمة، حيث تم خروج بضائع بقيمة حوالي 2,8 مليار دولار، ومتبقي بضائع بقيمة 1,7 مليار دولار، انتهت جميع الإجراءات الورقية الخاصة بها وتم توفير الدولار بالبنوك، ولكن أصحابها رفضوا استلامها انتظاراً لانخفاضات أكثر في الدولار.. واليوم، وجهت وزارة المالية بمصادرة كل هذه البضائع، وسوف يطبق على هذه البضائع القانون والقواعد الخاصة بالمهمل والرواكد".
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة من جانبها قامت بتنفيذ المطلوب منها، وتمكنت بالتعاون مع الجهاز المصرفي، من توفير العملة الصعبة، وإنهاء الإجراءات الخاصة بخروج البضائع من الموانئ، ولكن أصحاب البضائع يرفضون الذهاب للإفراج عنها، بحجة أن أمامهم مهلة شهر دون دفع غرامة أو تكلفة الأرضيات بالموانئ، وانتظاراً لانخفاض قيمة الدولار لتحقيق مكاسب، لافتا إلى أن استمرار وجود هذه البضائع في الموانئ يتسبب في نقص الكميات المتوافرة منها في السوق.
وبين انه في الوقت الذي كان الدولار قيمته ترتفع حاول البعض تحقيق مكاسب، وأيضاً حينما بدأ الدولار في الانخفاض البعض الآخر يحاول الآن تحقيق مكاسب مرة أخرى دون مراعاة للمواطن البسيط، وقال: "كل ما نطلبه اليوم أن نتفهم وندرك أننا جميعاً في خدمة المواطن، الذي يجب أن يشعر بمردود الاجراءات التي اتخذتها الدولة في الفترة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالأسعار".
وأضاف: "ما نطلبه في هذا التوقيت أن نرى إجراءات حقيقية في انخفاض واقعي للأسعار، ليس فقط للسلع الغذائية ولكن أيضاً السلع الأساسية التي تمثل احتياجاً رئيسياً للمواطن، مثل السلع المُعمرة والأجهزة، ليس بنسبة بسيطة مثل 2% و3% و5%، ولكن بنسب أكبر من ذلك، فإذا كان التسعير في الوقت الماضي قد تم بسعر مرتفع للدولار من السوق الموازية، وبلغ نحو 72 جنيهاً فالسعر انخفض حالياً إلى نحو 46 جنيهاً، أي نحو نصف القيمة، وذلك بعد كل ما تم اتخاذه من إجراءات من جانب الدولة، فلابد من مردود أكبر لهذه الإجراءات".
وأكد ضرورة التوصل إلى مبادرة من الحكومة والقطاع الخاص بكل طوائفه بناء على توجيهات رئيس الجمهورية بتقديم أثر ملموس للمواطن يسعد به خلال هذه الفترة، معربا عن أمله في تجاوزها سريع.. ولفت إلى أن رئيس الجمهورية أكد خلال حديثه في احتفالية المرأة المصرية أن الدولة وإن كانت تؤمن بآليات السوق الحر، إلا أنه لا يمكن ترك المواطن يعاني من الأسعار، خاصة مع انتفاء أسباب ارتفاعها، فلابُد من نزول جوهري في الأسعار وتخفيضاتٍ حقيقية يشعُر بها المواطن على الأرض بشكل فعلي.

ومن جهته، قال الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية "إن الدولار توافر، وتم الإفراج عن معظم الخامات المطلوبة، وبدأت السوق تستجيب نسبياً لبعض التخفيضات"، موضحا أنه تم عقد عدد من الاجتماعات المشتركة مع وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد الصناعات المصرية بشأن الاتفاق على خفض الأسعار بشكل فوري للمنتجات والسلع التي تم خفض تكلفتها فعليا.
وأضاف: "كما تم الاتفاق مع السلاسل الأساسية على أن يكون السعر قبل المبادرة موجوداً ويتم شطبه، وكتابة السعر الجديد بعد المبادرة بخفض يتراوح بين 15 إلى 20%، وهناك بعض السلع يمكن أن تنخفض بأكثر من 20% مثل الفول والعدس، وهناك منتجات لا يتأثر سعرها بالدولار ومحلية فيمكن خفض سعرها أيضاً".
وأكد ضرورة أن يكون الحد الأدنى لتخفيض الأسعار بحد أدنى بنسبة تتراوح بين 15% و20%، وضربا مثلا عن ذلك بسعر زجاجة الزيت، مثلًا التي كان سعرها 100 جنيه، يجب أن يُرفع من عليها السعر القديم ويُكتب عليها السعر الجديد، وهو 80 جنيهاً، وهكذا بالنسبة لباقي السلع الأساسية التي تشمل: (الدقيق، والمكرونة، والفول، والعدس).
ومن جانبه، أوضح السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي أنه يجري دائمًا حساب التسعير في الدواجن واللحوم والبيض ليرتبط بنقطة التعادل، والتي يتم حسابها بالربط مع الدولار مع إضافة متغير قيمة الأعلاف، مشيرًا إلى أنه نتيجة تحرك سعر الدولار بالانخفاض عن السوق الموازية، صاحبه انخفاض كبير في سعر الطن من الأعلاف وفول الصويا، وهو الأمر الذي يجب أن ينعكس بالانخفاض على أسعار الدواجن واللحوم والبيض بشكل تلقائي وطبيعي، مؤكدا أنه لذلك يجب مراجعة الأسعار.
وبدوره، أشار أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية إلى أنه جرى عقد عدد من الاجتماعات مع وزير التموين والمصنعين في اتحاد الصناعات لتخفيض أسعار السلع، طبقاً لتوجيهات السيد الرئيس، مُنوهًا إلى خفض الأسعار بنسب تتراوح من 20 إلى 30%، مؤكدا أنه خلال مدة وجيزة سيشعر المواطن بهذا الانخفاض في أسعار السلع.
ولفت إلى أنه تم مناشدة تجار التجزئة بضرورة خفض أسعار السلع بشكل واضح، كما نوه بتكاتف التجار والمُصنعين خلال الفترة الماضية بهدف خفض أسعار السلع بما يشعر معه المواطن بفرق واضح في مُستويات الأسعار.

وخلال اللقاء، قدم الحضور الشكر لرئيس الوزراء والوزراء المتواجدين على المجهودات المبذولة من قبل الحكومة لضبط الأسواق وأسعار السلع، وكذا توفير المواد الخام اللازمة لعمليات التصنيع، مؤكدين أن الفترة القادمة ستشهد تدريجياً انخفاض أسعار العديد من السلع والمنتجات الغذائية.
كما شهد اللقاء عدداً من المداخلات من التجار والمصنعين وممثلي السلاسل التجارية، حيث أوضح سيف الدين عابد ممثل عن شركة مفضل للصناعات الغذائية أنه تم بالفعل خفض الأسعار ما بين 25 إلى 30% للمنتجات الخاصة بشركته؛ حيث انخفض العدس من أكثر من 65 جنيهًا إلى حوالي 48 جنيهًا، وانخفض سعر الفول أيضًا من 38 جنيهًا إلى 27 جنيهًا، وكذلك انخفضت أسعار الأرز بسوق الجملة.
وقال إن شركته رغم خفضها للأسعار كمورد في إطار مبادرات الحكومة وإجراءاتها، لم تملك القدرة على التحكم في السعر النهائي الذي يصل للمستهلك، وذلك في إشارة إلى المنافذ الصغيرة التي يتعامل معها المُستهلكون.. وفي هذا الصدد، وجه رئيس الوزراء بضرورة الوصول إلى تجار التجزئة الذين يتعاملون مع المُستهلك مباشرة؛ وضرورة وجود آلية لخفض الأسعار في جميع المنافذ والمحلات التجارية؛ حيث يعمد هؤلاء في كثير من الأحيان إلى الإبقاء على السعر مرتفعًا رغم انخفاضه في سوق الجملة، مشدداً على أن دور الدولة في الفترة الراهنة هو أن يشعر المواطن بالإجراءات الإيجابية التي تتم.
وقال أحمد رحيم المدير العام لسلاسل كارفور التابعة لشركة ماجد الفطيم للتجزئة "ملتزمون بتعديل أي قوائم أسعار سوف تصلنا مُخفضة من الشركات الموردة لنا بالسعر الجديد في خلال أقل من 24 ساعة في جميع فروع كارفور، بدون أي انتظار، على غرار ما حدث في حالة الشركات الموردة للزيوت، إذ أرسلت لنا هذه الشركات قوائم أسعار مخفضة، وقمنا بتعديلها في نفس اليوم".
وفي غضون ذلك، وجّه رئيس الوزراء بنشر فرق المتابعة بمجلس الوزراء بجميع أفرع السلاسل التجارية والسوبر ماركت على مدار الأيام المقبلة، وإعداد تقرير مفصل عن الأسعار بالصوت والصورة، يعكس ما يحدث بشكل حقيقي على أرض الواقع، كما وجّه وزير التموين بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد الصناعات، لإعداد تقرير يومي عن الانخفاضات التي تحدث في الأسعار، على أن يتضمن هذا التقرير رصدًا واقعيًا لمستويات الأسعار الحقيقية.
وأكد رئيس الوزراء أنه وفقًا لما تم التوافق عليه، فإنه يجب أن تنخفض الأسعار خلال 48 ساعة بما يتراوح بين 15% و20%، على أن تزيد مستويات الانخفاض تدريجيًا خلال الأيام المقبلة، لتصل إلى 30% بعد عيد الفطر.. وفي هذا السياق، قال وزير التموين "إن هذا هو بالفعل ما تم التوافق عليه مع التجار".
وقد حضر اللقاء كل من: الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والمهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة، والدكتور علاء عز أمين عام اتحاد الغرف التجارية، ومحمد أبو موسى مساعد محافظ البنك المركزي، وعلي السيسي مساعد وزير المالية للموازنة العامة، ووائل زيادة مساعد وزيرة التخطيط للشئون الاقتصادية والاستثمار.

م ن ى/ ف ط م
/أ ش أ/