• غزوة بدر الكبرى
    غزوة بدر الكبرى


تقرير شادية محمود ( مركز دراسات وأبحاث الشرق الأوسط )
يحفل شهر رمضان على مر العصور بكبريات الوقائع الحربية الحاسمة فى تاريخ الإسلام ، فهو شهر الجهاد والعزة ، ولعل أهم وأبرز هذه الوقائع وأولها " غزوة بدر الكبرى " ، التى تحل ذكراها غدا ( الاثنين ) الموافق ١٧ رمضان ، فقد كان "يوم بدر" يوما حاسما فى التاريخ الإسلامى ، وغزوته أحد أهم غزوات الرسول الكريم الذى غزى فيها بنفسه ، وسجل فيها المسلمون انتصارات مكنتهم من إظهار قوتهم ونشر دينهم ٠
لغزوة بدر مكانة رفيعة فى الإسلام إذا ماقيست بغيرها من الغزوات ، فهى إحدى اهم معارك المسلمين التي خاضوها في عهد الرسول الكريم ، ضد كفار قريش ، وهى معركة إذا قيست بالمعايير المادية والمقاييس العسكرية ، فإن النصر كان سيكون منطقيا للأكثر عدة وعداد وهم المشركون ، لكن الله تعالى خيب ظنهم ونصر الطائفة المؤمنة عليهم، وقتل المسلمون من قادة وسندة الكفر والضلال والطغيان عددا هائلا ، وكذلك قتل أغلب الذين آذوا المسلمين وآذوا الرسول ، ومنعوه من إتمام دعوته التى بعث بها ، ولهذه الأسباب أخذت هذه المعركة هذه الاهمية العظمى عبر التاريخ الإسلامي.
وقعت احداث غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة ، يوم ١٧ رمضان ( ١٣ مارس عام ٦٢٤ ميلادية ) ، عند بئر بدر الواقع بين مكة والمدينة ، وكان عدد المجاهدين المسلمين فيها ٣١٣ مقاتلا فقط ، مقابل الف من المشركين ، ويرجع سببها لما دأب عليه رجال قريش من المشركين من إيذاء المسلمين حتى بعدما هاجروا إلى المدينة المنورة ، فظلوا يعانون من شدة بأسهم وتعذيبهم ، واستمروا فى التعامل معهم بقسوة ووحشية منقطعة النظير، و قامت قريش بنهب وسرقة أموال المسلمين وممتلكاتهم ، واستمروا في مواقفهم التعسفية تجاههم ، وعندما علم الرسول بأن قافلة تجارية كبرى لقريش تقدر قيمتها بخمسين ألف دينار، ستمر بالقرب من المدينة، قرر أن يقابلهم بالمثل ساعيا لاسترداد شيء مما نهبه كفار قريش من المسلمين .
أدرك أبو سفيان ، الذي كان يقود القافلة بنية المسلمين، فغير طريقها و أرسل إلى قريش طالبا منها المدد و العون، فسارعت لنصرته والدفاع عن أموالها وبحوزتها جيش يضم حوالى ألف مقاتل ، وبدأ الصراع بين المسلمين وكفار قريش عند بئر بدر ، و تمكن أبو سفيان من الفرار بالقافلة إلى مكة ، ونجا بنفسه و الأموال التي كانت معه، لكن مقاتلى قريش عزموا على قتال المسلمين، فكانت النتيجة أنهم خرجوا من تلك الغزوة التى امدها الله بجنود لم يروها مهزومين و بخسائر جسيمة، و هكذا نصر الله تعالى نبيه الكريم ، وسجل التاريخ انتصارات كبيرة وبطولات لمجاهدى بدر وشهدائها ، وقد خلف هذا الانتصار أثرا ايجابيا فى نفوس المسلمين ، ورفع روحهم المعنوية فزاد ايمانهم ، وفى المقابل هزت الهزيمة كيان المشركين وأضعفت عزيمتهم ٠
وتعرف غزوة بدر فى التاريخ الإسلامى "بغزوة بدر الكبرى " ، للتفريق بينها وبين غزوة بدر الصغرى ، والتى وقعت في السنة الرابعة للهجرة، كما تعرف بإسم " يوم الفرقان " ، لأنها فرقت الحق عن الباطل ٠٠ لقد نصر الله عز وجل المسلمين في بدر واذل المشركين ، ورغم هزيمتهم الساحقة لم يكفوا طوال السنوات العشر التى تلتها من مواجهات وغزوات ، رسمت نتائجها ملامح دول الاسلام التى ارسى دعائمها الرسول ، فكانت حياته نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت فى بقعة جغرافية كبيرة على يد الخلفاء الراشدين من بعده ٠