• ديجول
    ديجول
  • تشرشل
    تشرشل
  • نيكسون
    نيكسون


القاهرة – بوابة أ ش أ . طارق عبد الغفار ومحمد مجدى

الزعامات لا تحددها صناديق الانتخابات فقط ، بل تعززها الظروف التاريخية والسياسية والمقومات الكاريزمية والقدرة على كسب عقول الجماهير وقلوبهم . وسجل التاريخ زعمات منتخبة عديدة فضلت الانسحاب قبل انتهاء فتراتها الرئاسية حفاظا على انجازاتها وحب الجماهير لها أو شعورا بالندم على اقترافها خطأ فى حق شعوبها أو اخفاقها فى الوفاء بتعهداتها خلال حملاتها الانتخابية .

وفي عصور مختلفة ، شهدت أكبر الديموقراطيات في العالم موقفا قد يبدو للبعض مناف للديموقراطية ، وهو أن يتنحى رئيس الدولة أو رئيس وزرائها من منصبه قبل إكمال فترة ولايته ، غير أن الأمر في عدد من تجارب الدول الكبرى بدا أكثر التزاما بالمبادئ والحريات ، ولم يتسم بكونه انقلابا على الشرعية لأسباب متعددة يأتي في مقدمتها أن الحاكم لم يحظ بالقبول الشعبي بعد فترة قصيرة قضاها في منصبه ، أو أنه أخل بالمبادئ والوعود التي قطعها على نفسه أمام الشعب خلال حملته الإنتخابية..

والبداية من فرنسا ، حيث لم يشفع التاريخ المشرف لرئيسها الأسبق والأب الروحي لجمهوريتها الخامسة شارل ديجول لدى الشعب الفرنسي الذي خرج في مظاهرات مناوئة له عام 1968 ، واستجابة لمطالب المتظاهرين الذين شكل الطلاب والعمال الغالبية بينهم قرر ديجول أن يجري استفتاء حول تطبيق المزيد من اللامركزية في فرنسا ، وتعهد قبل إجراء الاستفتاء بالتنحي عن منصبه في حال لم توافق نسبة كبيرة من الفرنسيين على تطبيق اللامركزية في البلاد . وفي مساء يوم 28 أبريل عام 1969 أعلن ديجول تنحيه عن منصبه بعد أن حققت الموافقة على تطبيق اللامركزية نسبة أقل قليلا من النسبة التي حددها سلفا .

ووترجيت تطيح بنيكسون

وفي واقعة شهيرة بالولايات المتحدة ، أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون استقالته من منصبه في الثامن من أغسطس عام 1974 قبل أن يكمل فترة ولايته الثانية ، وذلك بعد أن كشفت التحقيقات مع خمسة من أعضاء لجنة إعادة انتخاب نيكسون أن عددا من الأفعال التي يحرمها القانون قد ارتكبها نيسكون لضمان نجاحه في الانتخابات الرئاسية ، منها أن فريق عمل نيكسون استخدم أدوات للتجسس على اجتماعات الحزب الديموقراطي داخل مبناه المعروف بإسم ووترجيت في فترة الحملات الانتخابية ، وأن الحزب الجمهوري لجأ آنذاك لبعض الألاعيب لإثارة الفتن داخل الحزب الديموقراطي ، وهي أمور مهدت لفوز نيكسون بالانتخابات والبقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية . وقرر نيكسون - قبل أن يوجه الكونجرس اتهاما رسميا له – أن يستقيل من منصبه في واقعة تعرف إعلاميا بإسم "فضيحة ووترجيت".

استقالة الثعلب

وفي بريطانيا ، تقدم رئيس الوزراء الراحل والقائد العسكري المخضرم ونستون تشرشل باستقالته للملكة إليزابيث في الخامس من أبريل عام 1955 ، وذلك بعد أن شعر أن تقدمه في السن قد يعوقه عن أداء مهام وظيفته . ورغم عشق البريطانيين للرجل الذي ساهم بشكل كبير في انتصار بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية ، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاستقالة عندما رأى أنه قد لا يؤدي واجبه تجاه بلاده على النحو الأمثل.

وفي عام 2007 ، قدم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير استقالته من منصبه ، فبعد أن نجح في البقاء رئيسا لوزراء بريطانيا لثلاث فترات متتالية ، تراجعت شعبية بلير كثيرا عقب الكشف عن ارقام الضحايا البريطانيين في الغزو الغربي للعراق عام 2003، وشعر البرلمان البريطاني آنذاك أن بلير تعمد تضليله وتوريط البلاد في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل تحت زعم امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل .

وانعكس هذا الشعور على الشارع البريطاني الذي تراجع عن تأييده لحزب العمال الذي يتزعمه بلير ، ما أسفر عن تقلص حجم تمثيل الحزب في البرلمان البريطاني بشكل كبير في الانتخابات التي سبقت تقديم بلير لاستقالته في السابع والعشرين من يونيو عام 2007.