• هنري ديفيد ثورو
    هنري ديفيد ثورو


كتبت - منى فاروق

أضحت الاحتجاجات السلمية أحد أبرز السمات المميزة لنضال الشعوب لنيل حريتها ، فالشواهد التاريخية تؤكد ان النضال السلمى لشعوب عديدة أسفر عن نتائج اكثر ايجابية من آلة الحرب والعنف لانه من المستحيل هزيمة شعب أراد الحياة .

وتجسد الاحتجاجات السلمية ثقافة الشعوب التى تمارسها وأصالتها ، ويبدو ذلك جليا فى أشكال تلك الاحتجاجات ، والشعارات التى ترفعها ، ومشاركة كافة طوائف المجتمع وخاصة المرأة ، والبعد عن العنف من اجل الحفاظ على كافة المنشئات وتجنب التركيز على القضايا الفئوية .

ويعد العصيان المدني أحد أشكال المقاومة السلمية، ويمثل رفض الخضوع لقانون أو لائحة أو تنظيم أو نظام سياسي أو سلطة سياسية تعتبرها المقاومة ظالمة وغير عادلة ، فنرى مثلا في الهند قاد العصيان المدني زعيمها الراحل (غاندي) في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين مما أرغم الاحتلال البريطاني علي الاعتراف باستقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية.
وفي جنوب أفريقيا استخدم العصيان المدني في مقاومة سياسة الفصل العنصرى حتي تحقق ما أراده الشعب بناء علي دعوة (الأسقف دزموند توتو) الحائزة على جائزة نوبل للسلام بالإفراج عن زعيمه (نيلسون مانديلا) وإلغاء الفصل العنصري بعد مسيرة كيب تاون السلمية ، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد تبني (مارتن لوثر كنج) أحد قادة حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن العشرين أسلوب العصيان المدني .

ويستعرض التحقيق الحالى اشهر الاحتجاجات السلمية التى بفضلها إستطاعت العديد من الشعوب نيل الحرية والكرامة ونبذ الظلم والاستبداد:

إحتجاج سرير السلام

قبل 42 عام قرر كلا من جون لينون قائد فريق البيتلز الشهير وزوجته يوكو أونو خلال الاحتفال بشهر عسلهما في الجناح الرئاسي بفندق هيلتون في أمستردام، البقاء فى السرير والقيام بنوع من الاحتجاج السلمى لمناهضة الحرب التى تشنها الولايات المتحدة بفيتنام .

وبعد مرور اسبوع كامل لزم جون لينون ويوكو أونو الثنائي الأسطوري مكانهما فى غرفة النوم من 26 مايو حتى 2 يونيو فى عام 1969، ونظما ما اطلق عليه "احتجاج سلمى على السرير" للتنديد بحرب فيتنام التى راح ضحيتها اكثر من 40 ألف جندى أمريكى ..

وفي نفس غرفة الفندق كتب جون لينون أغنية باسم الزوجين وتم تسجيلها بذات الغرفة وعنوانها الشهير (أعطوا السلام فرصة) لتصبح نشيد المظاهرات الحاشدة ضد الحرب .

هنرى ديفيد ومقال العصيان المدنى

يعد الكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو أول من استعمل مصطلح "العصيان المدني "في مقالته المنشورة عام 1849 بعنوان "العصيان المدني" ، وكانت الفكرة الدافعة ورائها هي الاعتماد على الذات وترسيخ فكرة انه ليس على الفرد محاربة الحكومة، لكن عليه أن لا يدعمها في أي شيء يتعارض مع مبادئه وأفكاره. .

وقد كتب ثورو مقاله الشهير عقب امتناعه عن دفع ضرائب الحرب احتجاجا على العبودية والقمع والاضطهاد والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة ضد المكسيك ، وكان لهذه المقالة بالغ الاثر في نفوس منظمى حملات العصيان المدني ، ولم يكن الامتناع عن دفع الضرائب بالفكرة الجديدة وإنما استعملها مناهضو الاسترقاق من قبل .

ذات الرداء الابيض

تأسست الحركة المطالبة بحق النساء في التصويت في منتصف القرن التاسع عشر على يد مجموعة النساء التي أصبحت نشطة سياسيا من خلال مشاركتهن في حركات المطالبة بإلغاء الرق ومكافحة الخمور..

ففي يوليو عام 1848 اجتمعت 240 سيدة من المطالبين بحق المرأة في التصويت بينهن إليزابيث كادي ستانتون ولوكراتيا موت في سينيكا فالس بنيويورك لتأكيد حق المرأة في التصويت ، ولاقت النساء معارضة شديدة بشأن مشاركة المرأة في العمل السياسي كما أن الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال والجنوب أثارت المزيد من المناقشات.

ولكن فى عام 1913 نظم حزب المرأة القومي قوة تصويت النساء المحررات بقيادة المحامية الامريكية الشهيرة اينيز ميلهولاند بوسيفاين حيث تقدمت مسيرة مكونة من اكثر من 5 الاف من المتظاهرين أسفل شارع بنسلفانيا في واشنطن ، للمطالبة بتمكين النساء من اختيار ممثليهن في الكونجرس من بين مؤيدى حقوق المرأة الانتخابية ، وبحلول عام 1917 تبنى الحزبان الجمهوري والديموقراطي حقوق النساء السياسية