• العاصمة الإدارية الجديدة
    العاصمة الإدارية الجديدة


القاهرة.. كتب: حسام إبراهيم
بقدر ما تتجه الأنظار للعاصمة الإدارية الجديدة التي تحتضن الآن المؤتمر الوطني للشباب الذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس /الثلاثاء/، فإن هذه العاصمة التي تستمر فيها الفعاليات المهمة لهذا المؤتمر اليوم تتحول إلى علامة مجيدة في ثقافة المكان ومنارة للابداع والابتكار والأمل.
وانطلق المؤتمر الوطني الأول للشباب في شهر أكتوبر عام 2016 من مدينة شرم الشيخ ثم توالت دوراته اللاحقة ما بين أسوان والإسماعيلية والإسكندرية والقاهرة وصولا للمؤتمر السابع في العاصمة الإدارية الجديدة التي تحتضن الدورة الحالية تحت الشعار الدال (ابدع.. انطلق).
وإذ تجلت ثقافة الحوار في "جلسة نموذج محاكاة الدولة المصرية" فإن العاصمة الإدارية الجديدة التي تحتضن هذا المؤتمر الشبابي تشكل حاضنة للأفكار الشابة والمبدعة والمبتكرة بقدر ما تسهم كمدينة جديدة في توفير فرص عمل للشباب وجذب المزيد من الاستثمارات لتكون بحق علامة على معنى الإعمار في ثقافة وجماليات المكان والإبداع التنموي.
ولاريب أن استضافة العاصمة الإدارية الجديدة للمؤتمر الوطني للشباب - بكل فعالياته المهمة وحيوية حواراته المفعمة بالصدق والأمل - تمنح جاذبية ثقافية للمدينة الجديدة التي تشهد على انتصار الإرادة الوطنية المصرية فيما تشكل مصر - الآن - قصة نجاح عالمي في الإصلاح الاقتصادي بشهادة المؤسسات الدولية.
وفي وقت أمست فيه الصروح الثقافية والمعرفية والمدن الثقافية والفنية الجديدة موضع اهتمام متعاظم من جانب المثقفين في كل مكان وعبر ثقافات متعددة للمصريين أن يفخروا بعاصمتهم الإدارية التي تضم "مدينة الثقافة والفنون بما تشمله من معالم كدار الأوبرا الجديدة"؛ لتكون هذه المدينة الثقافية والفنية الجديدة التي تقام على مساحة 127 فدانا منارة جديدة للإبداع المصري بقدر ما هي أيقونة ثقافية جديدة بمتاحفها ومسارحها ومكتباتها ومعارضها الفنية.
وستكون دار الأوبرا الجديدة في مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية أكبر دار للأوبرا في منطقة الشرق الأوسط، وتتسع قاعتها الرئيسية لنحو 2000 شخص فيما تضم أيضا مسرحين للموسيقى والدراما إلى جانب مركز الابداع الفني ومتحف الشمع.
وفي ندوة عقدت في دورة اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اتفق الحضور على وصف العاصمة الإدارية الجديدة "بالمدينة الإبداعية" وها هي الآن تعلي ثقافة الجمال وتتفتح فيها كل الزهور وتتحول إلى حاضنة لكل المبدعين والمبدعات مثل المطربة الشابة هديل ماجد التي شدت أمس بمقطع من أغنية "مصر تتحدث عن نفسها" فضلا عن شباب فرقة "بلاك تيما".
والعاصمة الإدارية الجديدة ملهمة للمبدعين كما تجلى في الأغنية التي قدمتها الفنانة كارمن سليمان في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الشباب مساء أمس بمشاركة نحو 1500 شاب من مختلف محافظات الجمهورية، فيما تتضمن مشروعاتها العملاقة انشاء مجموعة من الأبراج تشمل اكبر برج في القارة الافريقية.
وتشهد العاصمة الادارية اليوم في سياق فعاليات هذا المؤتمر الشبابي الحاشد الاحتفال بتخريج الدفعة الأولى من "البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الافريقي"، التي تضم مشاركين من 29 دولة إفريقية، كما تشهد فعاليات المؤتمر الأول لمبادرة (حياة كريمة) ثم يجيب الرئيس عبد الفتاح السيسي على أسئلة الشباب في جلسة "اسأل الرئيس".

وإذ تؤكد مؤشرات عالمية في البحث العلمي أن مصر - خلال السنوات الثلاث الأخيرة - تتقدم في مؤشر الابتكار فإن العاصمة الإدارية الجديدة ذاتها تجسد ثقافة الابتكار ودعم الابتكار والمبتكرين وتطبيق مخرجات البحث العلمي ونقل وتوطين وإنتاج التكنولوجيا وتعميق ودعم التحول إلى اقتصاد المعرفة، وهي التي تحتضن "المدينة المصرية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار".
وبإمكاناتها ومنشآتها الثقافية والمعرفية؛ تستجيب العاصمة الإدارية الجديدة لطموحات المصريين الذين صنع أجدادهم أول حضارة إنسانية في التاريخ ولهم الآن أن يتبوأوا مكانتهم اللائقة "في عصر اقتصاد المعرفة" بينما تبرهن مصر مجددا بتبنيها لثقافة العلم والابتكار والإبداع على انفتاحها التاريخي وتفاعلها الإيجابي مع عالم يمضي بالفعل موغلا في مدهشات الابتكار.
وهكذا فالعاصمة الإدارية الجديدة التي تحتضن مؤتمر الشباب بشعاره الدال (أبدع..أنطلق) تشكل إجابة ضمن سلسلة إجابات واستجابات مصرية على مستوى تحديات العصر الرقمي والعلاقات الشبكية في عالم يندفع بإيقاع شبكة الانترنت نحو مستقبل لن يفوز فيه سوى أصحاب المعارف والإبداعات والأفكار المبتكرة.
ومثقف غربي مثل تشارلز كيني الذي يتبنى نظرية حول اتجاهات الاقتصاد العالمي رأى أن إمكانية الفوز مشروطة بالعمل والابتكار أما مثقف آخر في العرب هو كريس اندرسون فتناول في كتابه (صانعون: الثورة الصناعية الجديدة) مفهوم (الإنسان المشروع) أي ذلك الذي يحمل مشروعا هو في الحقيقة جزء من المشروع الكبير أو الحلم الجمعي لبلده و"يوتوبيا واقعية لامكان فيها لعاطل".
والثورة الصناعية الجديدة - في تنظير كريس اندرسون - تقوم على شبكة الانترنت وتعتمد على مفاهيم العصر الرقمي و"معامل الابتكار" و"جسارة الخيال" مع توظيف التقنية الرقمية؛ بما يتناسب مع مواهب كل فرد وميوله وقدراته بينما تبقى المعرفة شرطا جوهريا للنجاح.
وتتبنى الدولة المصرية توجهات داعمة لترسيخ قيمة المعرفة، وهي التي تمضي قدما في إقامة صروح معرفية وثقافية جديدة على امتداد مصر مثل مدينتي الثقافة والفنون في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، فيما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس في مؤتمر الشباب أن مصر بصدد افتتاح 14 مدينة جديدة خلال الفترة المقبلة.

وفي وقت يزداد فيه الاهتمام في كل مكان حول العالم "بالمدن الإبداعية" يشكل الإنجاز المصري نموذجا مضيئا في هذا المجال على مستوى العالم، كما يتجلى في العاصمة الإدارية الجديدة "ببنيتها التحتية الذكية".
ومصر التي أنجبت أسماء خالدة في العمارة وثقافة المكان ككل مثل حسن فتحي "فيلسوف العمارة" تؤكد بإنجازاتها الراهنة، كما يتجلى في العاصمة الإدارية الجديدة على إسهاماتها الجوهرية في جديد العمارة العالمية بقدر ما تنطوي هذه الإنجازات بأفكارها المبتكرة في مدنها الجديدة على اثراء للثقافة العالمية ككل.
فأحد أشهر الأكاديميين والمنظرين الغربيين في مجال الدراسات الحضرية، وهو الأمريكي ريتشارد فلوريدا عرف بنظرية فحواها أن "الابتكار يمهد للتطور العمراني"، فيما تشكل العاصمة الإدارية بل وكل المدن الجديدة في مصر انتصارا لمعاني الابتكار في كل أوجه الحياة بما فيها التطور العمراني كمجال اصيل لاهتمامات فلوريدا الذي ولد عام 1957 في نيو جيرسي.
ولاريب أن العاصمة الإدارية الجديدة - بإمكاناتها ومنشآتها المعرفية والثقافية والفنية - جديرة أن تتصدر المشهد العالمي في المدن الإبداعية وتقدم المثل المضيء لمعنى التواصل البناء بين البشر والتاريخ والموقع والرسالة الحضارية الكونية ناهيك عن الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتوطين أحدث تقنيات العصر الصديقة للبيئة.
ومصر، التي تمضي قدما على طريق تشييد الصروح المعرفية والثقافية في كل ربوعها تقدم بعاصمتها الإدارية الجديدة تجربة فريدة ومثالا مضيئا يترجم على أرض الواقع الكثير من المعاني ومقولات المثقفين في كل مكان حول العالم مثل معنى ما يقوله عالم الاجتماع الأمريكي ايريك كلينينبيرج عن أهمية "البنية الأساسية الثقافية الاجتماعية التي تقدم خدماتها للجميع".
وفيما يتحدث خبراء وكتاب غربيون من أصحاب الاهتمامات بثقافة المكان والمدن الجديدة مثل ستيوارت جيفريز عن "العاصمة الإدارية الجديدة" كنموذج عالمي يحتذى للمدن الجديدة يلفت هربرت جيراردت إلى أن هذه المدينة المصرية الجديدة التي ستنتقل لها وزارات ومؤسسات حكومية نموذج ناجح للمدن المستدامة.
وهكذا فإن العاصمة الإدارية الجديدة، التي تفيض اليوم بحيوية الشباب في مؤتمرهم لها أن تكتب صفحة مضيئة في مدارس الهندسة والفن المعماري وثقافة المكان وتجسيد انبل المعاني على الأرض المصرية حيث تنطلق الطاقات الابداعية و تطلق مصر "ثورة معرفية جديدة" تتسق مع رسالتها الحضارية وتتناغم مع حقيقة ان المعرفة باتت عماد الحياة في العالم المعاصر وبناء الدولة العصرية.
وعلى سبيل المثال؛ فالمدينة الثقافية والفنية أو "مدينة المعرفة" بالعاصمة الإدارية الجديدة تجسد ما تشهده مصر - الآن - من "ثورة معرفية جديدة" تتسق مع رسالتها الحضارية وتتناغم مع حقيقة أن المعرفة باتت عماد الحياة في العالم المعاصر وبناء الدولة العصرية.
هنا في "مؤتمر الشباب"، تتحدث مصر عن نفسها ..هنا مع الحوار نحو الغد الواعد والمستقبل المشرق تتحول عاصمتها الإدارية الجديدة الىعلامة مجيدة في ثقافة المكان ومنارة للإبداع والابتكار والأمل.