• المناخ
    المناخ


تقرير: هبه الحسيني
تحت شعار "أوروبا مستدامة – مستقبل مستدام"، تتسلم فنلندا اليوم /الأثنين/ الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي خلفا لرومانيا، وذلك لمدة ستة أشهر ، وتأتى رئاسة فنلندا للإتحاد في وقت تواجه فيه القارة الأوروبية تحديات جادة وغير مسبوقة على مختلف الأصعدة.
وأعلنت فنلندا أن المناخ سيكون على رأس أولوياتها خلال فترة رئاستها الأوروبية. وفي هذا السياق، أوضح رئيس وزراء فنلندا، أنتي ريني، أن بلاده ستسعى خلال الستة أشهر القادمة أن تكون الريادة للاتحاد الأوروبي في قضايا المناخ.
وأكد، في كلمته أمام نواب البرلمان الفنلندي الاسبوع الماضي، توقعه بأن يلتزم الاتحاد الأوروبي نهاية العام الجاري بأن يصبح محايدا مناخيا بحلول عام 2050، وهو طموح قد تعوقه عدد من الدول التي لايزال اقتصادها يعتمد بشكل أساسي على الفحم، مؤكدا ضرورة أن تكون "تدابير مكافحة التغيرات المناخية عادلة اجتماعيا"، ومشددا على أهمية "العمالة والسياسات الصناعية النشطة والاقتصاد الرقمي".
كما أكد ريني حرص بلاده، خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي، على احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والديموقراطية، مدافعا – في هذا السياق- عن المبدأ الذي اقترحته المفوضية الأوروبية لربط الحصول على أموال من الاتحاد الأوروبي باحترام سيادة القانون.
وتناول رئيس الوزراء الفنلندي، في كلمته أمام النواب الفنلنديين، مسألة الهجرة من منظور التعاون الدولي قائلا "نحن، الأوروبيين، لسنا وحدنا في العالم.. من الضروري دعم الاستقرار والتنمية المستدامة في أفريقيا من أجل مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ والنمو السكاني والهجرة. ومن هنا تحرص الرئاسة الفنلندية على تطوير الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا بحيث تصبح أكثر مساواة ومنفعة لكلا الطرفين".
ويعد "البريكست" أيضا من أبرز التحديات التي ستواجهها فنلندا خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي، خاصة مع اختيار رئيس وزراء بريطاني جديد في نهاية الشهر الجاري، فضلا عن تأجيل موعد الانفصال النهائي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى 31 أكتوبر المقبل.
في هذا السياق، تؤكد فنلندا أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن "يستعد لانسحاب بريطانيا سواء باتفاق أو بدون اتفاق" مشيرة إلى أنه لا يجب أن يهيمن "البريكست" على جدول الأعمال على حساب القضايا الرئيسية الأخرى.
وتمثل الميزانية أحد أولويات الرئاسة الفنلندية، ومن المنتظر أن يبدأ الفريق الرئاسي مفاوضات ثنائية مع كل دولة من الدول الأعضاء خلال أسابيع قليلة حول برنامج الميزانية للفترة 2021-2027، وأعربت فنلندا عن أملها في أن يتم التوصل إلى إطار للتفاوض في هذا الشأن بحلول أكتوبر المقبل تمهيدا للوصول إلى اتفاق قبل نهاية العام. وتتمسك فنلندا بــ "ميزانية محدودة" لمنطقة اليورو مع التركيز على "دعم الاستثمار".
ومن المتوقع أن تسلط فنلندا الضوء أيضًا على الاستثمارات في التعليم وتحسين المعرفة، سواء من خلال "الجامعات الكبرى" أو "تبادل كبار الباحثين".
ويرى خبراء أوروبيون أنه على الرغم من أن فنلندا لا تعد ضمن كبرى دول الاتحاد الأوروبي إلا أن لديها طموحات كبيرة تظهر من خلال برنامجها للرئاسة الدورية، حيث ترغب في إنعاش القارة الأوروبية، بعد المعركة الانتخابية البرلمانية التي شهدتها في مايو الماضي، وفي ضوء الأجندة الاستراتيجية للخمس سنوات القادمة التي تم اعتمادها من قبل القادة الأوروبيين خلال القمة المنعقدة في 20 يونيو الماضي.
وتوقع هؤلاء الخبراء نجاح فنلندا بدرجة كبيرة في تحقيق أهدافها خلال رئاستها للمجلس الأوروبي، مشيرين إلى أنها لديها خبرات وثقافة توفيقية كما أنها تتسم بمواقف متوازنة بشكل عام، وهو ما يعد أمرا هاما في ظل التحديات الصعبة والمعقدة التي تواجهها القارة العجوز.
يشار إلى أن فنلندا عضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 1995، وتعد هذه هي المرة الثالثة التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد، حيث ترأسته من قبل خلال عامي 1999 و2006.
وتأتي رئاسة فنلندا ضمن ثلاثية رئاسة الاتحاد الأوروبي والتي بدأت في يناير 2019 برئاسة رومانيا وتستمر حتى يوليو 2020 برئاسة كرواتيا. وفكرة الثلاثية أو ما يطلق عليه الــ "تريو" بدأت منذ عام 2008 وتعني ثلاث دول تتناوب على الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي خلال 18 شهرا متتابعين وتضع برنامجا للعمل المشترك لتحقيق أهداف طويلة المدى مما يضمن الاستمرار والفاعلية. وتتمحور أهداف هذه الثلاثية حول تعزيز الترابط الاقتصادي والاجتماعي والإقليمي وبرنامج التنمية المستدامة لعام 2030.
ورغم أن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي قد فقدت الكثير من صلاحياتها بعد سلسلة التعديلات التي أدخلت على معاهدة لشبونة خلال السنوات الأخيرة إلا أنها لا تزال تتمتع باختصاصات مهمة ومحورية على صعيد الاتحاد مثل ترؤس كافة الاجتماعات الوزارية، وعقد الصفقات التشريعية التي تدفع عجلة الاتحاد، ، فضلا عن لعب دور الوساطة في الاتفاقات بين الدول الأعضاء والمساهمة في بلورة وصياغة السياسات العامة للاتحاد.
وتهدف الرئاسة الأوروبية الدورية إلى تعميق دور القادة الأوروبيين في إدارة شئون الاتحاد وتعزيز شعور الانتماء الأوروبي لدى الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية.