• الفيتو الروسي
    الفيتو الروسي

القاهرة في 24 ديسمبر/أ ش أ/ تحليل كتبه: أحمد تركي (مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط)

كشف الفيتو الروسي في مجلس الأمن في العشرين من ديسمبر الحالي، بشأن مشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا والكويت بتمرير مساعدات من الأمم المتحدة عبر نقاط حدودية عراقية إلى أربعة ملايين سوري لمدة عام، كشف عن الرغبة السورية بتغيير تلك الآلية التي تم إقرارها من جانب مجلس الأمن منذ عام 2014، وذلك لحدوث تغييرات كبيرة على الواقع وسيطرة الحكومة السورية على غالبية الأراضي السورية وتغيير موازين القوى.

وفي نفس الوقت لم تستطع روسيا الحصول على موافقة مجلس الأمن لتمديد ترخيص نقل مساعدات إنسانية إلى سوريا من نقطتين في تركيا، وأيد مشروع القرار الروسي خمسة أعضاء وعارضه ستة بينما امتنعت أربع دول عن التصويت.

ويحتاج أي مشروع قرار لموافقة تسعة أعضاء بالمجلس المؤلف من 15 دولة، فضلا عن عدم استخدام أي عضو من الدول الدائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، حق النقض (الفيتو).

كانت المساعدات الانسانية الدولية المقدمة إلى سوريا تستند على قرار مجلس الأمن رقم 2165 لعام 2014، وهو قرار يضع آليات لنظام الإمداد المبسط للإمدادات الإنسانية والطبية إلى سوريا من الدول المجاورة عبر الخطوط الأمامية والمعابر الحدودية، وخصوصا عبر الحدود مع تركيا بشكل أساسي، تلك الآلية كان يتم تجديدها سنويا، ونجحت في تحقيق الكثير ووفقا للقرار الدولي كان يحق للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها استخدام الطرق عبر خطوط المواجهة ونقاط التفتيش في معابر باب السلام وباب الهوى واليعربية والرمثا.

أبعاد ودلالات

يحمل هذا الاعتراض الروسي على القرار الإنساني لصالح سوريا الكثير من الأبعاد والدلالات، أولها: تذكير المجتمع الدولي أن سوريا 2019 باتت غير سوريا 2014 بعدما تغيرت خريطة المعادلات السياسية والواقع على الأرض، وعلى المجتمع الدولي أن يتعامل بشكل يتناسب مع الواقع الميداني الجديد في سوريا، في إشارة إلى أمرين: الأول أنه تم إضعاف وكسر شوكة «داعش» وتقويض وجوده على مساحات واسعة، الأمر الذي يقتضي تعاملا مختلفا مع الملف الإنساني ومسائل إدخال المساعدات.

أما الأمر الثاني وهو الأهم لموسكو، وهو تذكير المجتمع الدولي بالدور الروسي في دعم استقرار النظام السوري، وأن الحكومة السورية نجحت بمساعدة الروس في فرض سيطرة على مساحات شاسعة كانت مغلقة أمامها خلال السنوات الماضية، وهذا هو الواقع الجديد، الذي انتقد المندوب الروسي في مجلس الأمن "فاسيلي نيبينزيا" إمعان غالبية المجتمع الدولي في تجاهله.

لمتابعة تقارير وتحليلات "مركز أبحاث ودراسات أ ش أ" يرجى الاشتراك في النشرة العامة.

/أ ش أ/