بغداد في 11 مايو /أ ش أ/ تستضيف العاصمة العراقية بغداد، يوم 17 مايو الجاري، القمة العربية الرابعة والثلاثين، تحت شعار "حوار وتضامن وتنمية"، بالتزامن مع انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة، في حدث مزدوج يُجسد أهمية الدمج بين البُعدين السياسي والاقتصادي في التعامل مع تحديات المنطقة الراهنة.
ويُعقد هذا الحدث العربي البارز في توقيت بالغ الحساسية، في ظل تصاعد الأزمات في عدد من الساحات العربية، إلى جانب تطورات دولية وإقليمية متسارعة تُلقي بظلالها على الأمن القومي العربي، مما يضع على عاتق القمة مسؤولية الدفع نحو بلورة موقف عربي موحّد وتعزيز العمل الجماعي المشترك في كافة المسارات.
وقد تزينت شوارع العاصمة بغداد بالأعلام العربية واللافتات الترحيبية، فيما تُعقد القمة وسط ترتيبات أمنية ولوجستية مشددة، حيث أعلنت وزارة الداخلية العراقية تنفيذ خطة أمنية متكاملة تشمل تأمين مطار بغداد الدولي، ومداخل العاصمة، والمقار المخصصة لإقامة الوفود، فضلًا عن المسارات المخصصة لتحركات المشاركين.
وفي هذا السياق، قررت الحكومة العراقية تعطيل الدوام الرسمي في مدينة بغداد يومي 15 و18 مايو الجاري، باستثناء وزارة التربية والدوائر التابعة لها، بهدف تسهيل الإجراءات الفنية والأمنية المتعلقة باستضافة القمة، وضمان انسيابية التحركات.
وفي إطار المتابعة المباشرة للتحضيرات، أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جولة تفقدية، اطّلع خلالها على الترتيبات الخاصة باستقبال الوفود الرسمية المشاركة، كما قام بزيارة المركز الإعلامي المخصص لأعمال القمة، واطّلع على التجهيزات الفنية والخدمات اللوجستية المقدمة للصحفيين ووسائل الإعلام، مشيدًا بالدور المحوري للإعلام في نقل وقائع القمة وإبراز مضامينها.
كما وصل، إلى العاصمة العراقية بغداد، وفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية الخاصة بالقمتين: القمة العربية الرابعة والثلاثين، والقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة.
ومن المقرر أن تبدأ، غدًا الاثنين، أعمال اجتماع كبار المسؤولين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، تمهيدًا للقمة التنموية، حيث سيُجرى استعراض وإعداد الملفات الاقتصادية والاجتماعية المدرجة على جدول أعمال القمة، وذلك في إطار السعي إلى تعزيز التكامل العربي في مجالات التنمية المستدامة، والأمن الغذائي، والطاقة، والتحول الرقمي، وتمكين الشباب والمرأة.
وفيما يتعلق بأبرز ملفات القمة العربية العادية (34)، تتصدر القضية الفلسطينية جدول أعمال القمة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وارتفاع أعداد الضحايا بين المدنيين، والانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وستبحث القمة الجهود التي تبذل من أجل وقف إطلاق النار في غزة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، والعمل على استئناف إدخال المساعدات، ورفض أية محاولات للتهجير، ودعم الجهود العربية والدولية الرامية لإعادة الإعمار.
كما ستناقش القمة مستجدات الصراع العربي الإسرائيلي، مع التشديد على التمسك بالمبادرة العربية للسلام باعتبارها الإطار الأشمل لحل النزاع، والتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع حماية الوضع القانوني والتاريخي في القدس الشريف، وضمان حرية العبادة في مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وتبحث القمة كذلك ملفات الأمن القومي العربي في ضوء التصعيد الإسرائيلي في سوريا ولبنان، والانتهاكات المتكررة للسيادة، والتهديدات في البحر الأحمر، وتأثيرها على سلامة الملاحة الدولية.
كما تُناقش القمة سبل تعزيز صيانة الأمن القومي العربي، وتطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، وبناء القدرات العربية في مجال الأمن السيبراني والتصدي للهجمات الرقمية العابرة للحدود.
وتناقش القمة الأوضاع في السودان، في ظل استمرار المواجهات العسكرية وتفاقم الكارثة الإنسانية، إلى جانب الملف الليبي الذي يشهد جهودًا نحو الاستقرار والتحضير للانتخابات، وكذلك اليمن الذي يمر بمرحلة دقيقة تتطلب معالجة سياسية شاملة، وسوريا التي تواجه تحديات مركبة على المستويين الإنساني والتنموي، كما تبحث القمة الملفات العراقية، وملفات أمن الطاقة والتجارة في الخليج والممرات الإقليمية الحيوية.
وتتناول القمة العلاقات العربية مع التكتلات الإقليمية والدولية، مع التركيز على تعزيز الشراكة مع الصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والتكتلات الأخري، بما يعزز من موقع الدول العربية في المعادلات الدولية.
وفي موازاة القمة السياسية، تنعقد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة، والتي تركز على دعم التكامل الاقتصادي العربي، واستكمال مشروع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتعزيز مشروعات الربط الكهربائي والنقل، إلى جانب مبادرات تحقيق الأمن الغذائي والمائي.
كما تتناول القمة مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية تحت عنوان "المبادرة العربية للذكاء الاصطناعي: نحو ريادة تكنولوجية وتنمية مستدامة"، ومشروع دعم وإيواء الأسر النازحة من الأراضي الفلسطينية، والتصدي لكل محاولات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، إضافة إلى ملفات تمكين الشباب والمرأة، وتطوير التعليم الفني، والتحول الرقمي، وبناء القدرات السيبرانية، مع التأكيد على حماية التراث الثقافي العربي.
ومن المقرر أن تُختتم أعمال القمة بإصدار وثيقة "إعلان بغداد"، والتي يُنتظر أن تُجسّد الموقف العربي الموحد تجاه القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية المدرجة على جدول الأعمال، وتعكس تطلع الدول العربية إلى مرحلة جديدة من التضامن والتكامل في مواجهة التحديات.

ح م ز
/أ ش أ/