تقرير/شادية محمود
أيام قليلة ويدق عام ١٤٤١ الهجرى الجديد الباب بما يحمله من أهمية خاصة فى حياة المسلمين فى جميع بقاع الأرض، بأعياده وأيامه المباركة وعباداته ومناسباته الدينية، علاوة على أنه يحمل ذكرى دينية غالية توافق ذكرى هجرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، والتي تم إتخاذها بداية للتقويم الهجري.
ومع إنقضاء أيام عيد الأضحى المبارك، بدأ العد التنازلي لاستقبال العام الهجرى الجديد (١٤٤١) ، الذى سيوافق فلكيا يوم السبت ٣١ أغسطس الحالى ، حيث ستثبت رؤية هلال شهر المحرم يوم الرؤية الشرعية حسابيا، كما أشارت الحسابات الفلكية للمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية ، وسيأتى العام الجديد وما زال المسلمون يعيشون نفحات أجواء الحج المباركة ، حيث يكون حجاج بيت الله الحرام قد أتموا حجهم وعاد لديارهم سالمين .
ووفقا لتلك الحسابات ، كما صرح الدكتور جاد محمد القاضى رئيس المعهد ، فإن عدة شهر ذى الحجة الجارى ستكون ٢٩ يوما ، وأن هلال الشهر اكتمل بدرا أمس (الخميس) فى الساعة الثانية و٢٩ دقيقة ظهرا بالتوقيت المحلى لمدينة القاهرة ، وسيستمر فى التناقص إلى أن يصل إلى تربيعه الآخر يوم (الجمعة ) القادم فى تمام الساعة الرابعة و٥٦ دقيقة عصرا.
وشرعا يفصل المسلمون عن بداية السنة الهجرية رؤية هلال شهر المحرم، وعلى الأرجح تتوافق الرؤية الشرعية واستطلاع الهلال في كل شهر عربى مع الحسابات الفلكية ، ويعود ذلك إلى دقة الأجهزة الفلكية الحديثة وتطورها ، والتي غالبا ما تكون حساباتها صحيحة إذا ما قورنت لاستطلاع هلال الشهر الجديد في الليلة السابقة له.
والتقويم الهجرى هو أحد التقاويم التى اتخذتها الشعوب، وتختلف فى خصائصها الدقيقة عن بعضها البعض إلا أنه يمكن إجمالها فى نوعين رئيسيين أحدهما شمسى أساسه دوران الأرض حول الشمس والآخر قمرى وأساسه دوران القمر حول الأرض ، وثالث مختلط يجمع بين التقويميين الشمسى والقمرى ، ويعتمد التقويم الهجرى على رؤية الأهلة ومتابعة ورصد حركة النجوم الثابتة المستقرة فى حركتها مثل الشمس والكواكب والأقمار ومن خلال هذه المتابعة ورصد حركة هذه الأجرام وحساباتها ، وقد تم تقسيم السنة الهجرية إلى 12 شهرا يحتوى كل منها على 29 أو 30 يوما وفقا لدورة القمر الشهرية حول الأرض ، وبحسب التقويم القمرى للمسلمين فإن السنة الهجرية الأولى وافقت بالحساب الميلادى الخميس ١٥ يوليو عام ٦٢٢ يوليانية.
وكان العرب قبل الإسلام يستخدمون تقاويم مختلفة ترتبط بأحداث مهمة وجمعيها مبنى على حركة القمر الشهرية ، فقد كانوا يؤرخون الحوادث بالنسبة للعام الذى بنيت فيه الكعبة عام ١٨٥٥ قبل الميلاد ، ولما أصبح هذا التاريخ موغلا فى القدم أخذوا يؤرخون بحادث إنهيار سد مأرب باليمن ( عام ١٢٠ قبل الميلاد) ، ثم بدأوا يؤرخون الحوادث بعام الفيل ٥٧١ ميلادية، وقبل ظهور الإسلام بفترة قصيرة أخذوا يؤرخون بعام تجديد الكعبة ٦٠٥ ميلادية .
وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة بدأ المسلمون الأوائل يؤرخون حوادثهم بشكل آخر فقد سموا السنة الأولى للهجرة بـ" سنة الإذن " بالهجرة ، والثانية " بسنة الأمر "بالقتال ، والثالثة التمحيص ، والرابعة الترفئة والخامسة الزلزال والسادسة الاستئناس والسابعة بالاستقلاب والثامنة بالإستواء والتاسعة البراءة والعاشرة بالوداع أى سنة حجة الوداع الأخيرة.
واشتهر بنى كنانة فى مسألة النسئ أو كبس الشهور لكى تتوافق السنة القمرية مع السنة الشمسية ليكفلوا التوافق بين الشهور والفصول لتكون مواسمهم فى الفصول المناسبة لإقامتها ، أما أسماء الأشهر العربية المتداولة بالتسمية الحالية ، فهى نفس الأسماء التى كان يستعملها العرب فى العصر الجاهلى ، وهى محرم ، صفر ، ربيع أول ، ربيع ثانى ، جمادى الأولى ، وجماد الأخر،رجب ، شعبان ، رمضان ، شوال ، ذى القعدة ، ذي الحجة ، وقد سمى العرب الشهور الهجرية بالتسمية الحالية فى عهد "كلاب بن مرة" الجد الخامس لنبي الإسلام أى حوالى عام ٤١٢ ميلادية.
وبنزول قوله تعالى إن "عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض" ، تم تحريم موضوع الكبس أو النسئ فى السنة القمرية ، واعتبرت السنة الهجرية منذ ذلك الوقت ١٢ شهرا ، وتم اتخاذ شهر محرم الحرام ليكون بداية السنة القمرية، وللتقويم الهجرى عدة ايجابيات عن التقاويم الأخرى ، ومنها أنه إذا أخطأ فى أى شهر فإنه يصحح نفسه فى الشهر التالى، وعدم ثبوت مواعيد الأعياد والمواسم الدينية والعبادات المهمة نتيجة اختلاف طول الشهر الهجرى يكسر رتابة التكرار فى نفس الموعد من كل عام.